لكيْ تعرّف أكثر / “يوم العمال “.
بقلم المحامي محمد زهير العبادي .
إلى من هُم في مواقع المسؤولية .
لماذا نحتفل ؟ حيث القليل لنحتفل به بيوم العُمال ، فالحد الأدنى للأجور ما زال مُتدنياً و مُعيباً ، و النقابات المهنية في أسوأ حالاتها ، فقد إرتأيتُ بأن الوقت باتَ لازماً عليكم أن تتعرفوا إلينا لتعرفوا ما نحن فيه ؛ نحن في أفضل الحالات نُعد ميزانية شهرية لأُسرتنا ب ٤٠٠ دينار ، نعيش بهذا المبلغ مدة ٣٠ يوماً ، نأكل و نشرب و نستخدم وسائل المواصلات و ندفع تكاليف العلاج و نشتري الملابس للأولاد و ندفع مصروفاتهم بما فيها الدراسة و تكاليف الدروس الخصوصية ، و ندفع أيضاً فواتير الكهرباء و الماء و أجرة السكن و غيرها الكثير .
في كُلِ شهر نُحاول أن نخترع طُرقاً للحياة في ظلِ الزيادة الهائلة في أسعار كل شئ ، لتتضاعف مُعانتنا دون أن نحصل على زيادة تُذكر في مستوى الدخل ، بل نخاف أحياناً من إنخفاضه و أحياناً نتضرّع لكي لا نفقد عملنا بسبب تراجع أداء القطاع الإقتصادي الذي نعمل فيه .
مع كُل هذا نلتزم بالواجبات و المسؤوليات التي تساهم في الدفاع عن تراب هذا الوطن و الحفاظ على سيادته من خلال عملٍ مخلصٍ و دؤوبٍ لأجل رفعته و علو شأنه ، بالتزامن مع تقصير الدولة الممثلة بالحكومة بتلبية إحتياجاتنا الحياتية و توفير مستلزمات العيش الكريم لنا مؤطراً بالرفاهية و الإزدهار ، فالمُعادلة بيننا مُختلة التوازن و العلاقة البينية مُختلة بشكل كبير يصعُب عبورها دون أن تترك بصماتها السلبية على الطبيعة القائمة بيننا ، فنجاح العلاقة و توازنها هو نجاح للبلاد و الشعب .
فهل يمكن لكم أن تجتازوا إختباراً في إعداد ميزانية شهريّة بمبلغ ٤٠٠ دينار ، بحيث يعيش أيٌ منكم مع أسرته لمدة ٣٠ يوم مثلما يعيش الغالبية العُظمى من الشعب ؟؟ وكيف نعاني في أواخر أيام الشهر حتى نصل بشق الأنْفُس لبداية شهرٍ جديد ! فهل لديكم الإرادة و الإدارة لكي تتعرفوا علينا أكثر من خلال هذا الإختبار ؟!!.
إن العُزلة الشعورية الموجودة بين من هم في مواقع المسؤولية و بين الغالبية العظمى من أبناء الشعب عاملين و مُعطَلين ، الذي يبدو وكأنهم يعيشون بوادٍ ومن يحكمهم في وادٍ آخر يصعب معها تقديم حلول واقعية تبدأ بالفهم الصحيح لدور الدولة و الإقتناع التام بأن تَخليها عن مسؤوليتها إنما يُعقدّ المشكلة أكثر .
فالأصلُ أنَ الدولة قائمةٌ من أجل أبنائها.