من دفاتر معلمة … حالة خاصة / خلود المومني

من دفاتر معلمة

( حالة خاصة )

ورقة الإمتحان تقدم لي دائماً فارغة الا من اسمها الأول مغلوطا…عند السؤال عنها قالوا لي : هذه حالة خاصة ضعي لها علامة ناجحة ولا تتعبي نفسك بها…وبت أنظر لأرى إلى أي مدى هي خاصة..فرأيت في عينيها شغف للمعرفة والفهم…بكل حواسها معي…لا تشيح نظرها عني أينما اتجهت في غرفة صفي..نظرات افهمها جيدا… فكرت كيف أرد لها كل هذا الحب؟؟؟؟
أشرت إليها…تعالي اجلسي هنا في المقعد الأمامي..ومع احتجاج صاحبة المقعد الذي غاب عني أمام فرح عارم كبير لا اظن أن له حدود بهذه اللفتة مني…أصبحت امام طاولتي مباشرة تتلمسها وتضع يديها على كتبي وكأنها ترى الكتب لأول مرة.
وفي يوم طلبت منها أن تقرأ..ذلك الطلب الذي رافقه بعض الاستهزاء من زميلاتها…لاتعرف القراءة يامس…وحاولت…نعم حاولت وكأنها تريد ان تتحدى ما تسمع وترى…صوتها متلعثم.. متردد…قادم من أعماق سحيقة..يرتجف خوفاً وخجلا…صوتها فيه اعتذار شديد اللهجة.: لا أعرف القراءة.
ثم ماذا؟؟!! حبيبتي….سمعتها ونظرت الي تريد ان تتأكد انها المقصودة بالكلمة…مرة اخرى.. حبيبتي: أعرف انك تستطيعين ولكن لم تحاولي أبدا..نحن اليوم في بداية الأسبوع..يوم الخميس ستقرأين لي هذا السطر وأعدك بجائزة.
وجاء اليوم المنشود..وقرأت بأخطاء بسيطة..وصوت خافت..الا ان نبرته أعلى من المرة الأولى..وحصلت على حائزتها..وتصفيق الصف لها.
حبيبتي: الاسبوع القادم هذه الفقرة….الاسبوع القادم هاتين الفقرتين..ودائما تسير الى الأمام.ويزداد ذلك البريق في عينيها…وتلك الثقة في صوتها.. حتما لن أنسى تلك الصورة ماحييت…وجاء يوم قالت لي : مس أريد ان اقرأ الدرس الأخير كاملاً..ياللهول!!!!! لقد صنعت وحشا. هذا ماخطر لي.
كان شرطي أن تقرأ عن دفترها لأبدأ بتطوير كتابتها…وهذا ما كان. لن تصدقوا….ولكنه كان.
طلبت الصعود معها الى صفها التالي.. والتالي….في السنة الرابعة تركتها مع زميلتي… لارسل لها رسالة : سواءً انا معك أم لم أكن.أنت بخير.وانتقلت الى مدرسة اخرى..إلى يوم بعد سنتين..كنت متجهة إلى عملي وإذا بصوت يناديني : مس خلود…إنها هي..توقفت وضربت بتأخري عن عملي عرض الحائط…وأجريت معها حديثا طويلاً..واثقة من نفسها…تمتلىء حيوية وسعادة…مازال ذلك البريق كما هو واكثر.. كم معدل علاماتك السنة الماضية؟؟ 76 % … المشاعر التي خالجتني حينها لها حديث آخر….وها هي على أبواب السنة الأخيرة ( التوجيهي) .
سرت وأنا اقول في نفسي:
في عالم الطالب ليس هناك حالة خاصة…بل هناك من يحتاج معاملة خاصه.

ملاحظة: القصة ليست من نسج خيالي.صاحبتها في سنتها الثالثة محاسبة..حصلت في التوجيهي معدل 70% فرع ( I T) .
ترى….لو بقيت على قناعة الآخرين بأنها حالة خاصة ولم أحاول..أين ستكون هي الآن؟؟؟؟!!!!! مارأيكم؟؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى