رؤساء حكومات الاردن: ماضيه ومستقبله ( الجزء الثالث)

#رؤساء #حكومات #الاردن: ماضيه ومستقبله ( الجزء الثالث)

د. عبد الفتاح طوقان

“صالح وصفي» «مصطفى وهبي» صالح المصطفى التل (1919 – 28 نوفمبر 1971)، هو ووالده و جده يحلمون اسماء مركبة ، وهوسياسي ودبلوماسي ومناضل قومي خريج الجامعة الامريكية في بيروت من اصول سورية تعود الي ” الزيداني من الحجاز ” انقسمت و استقر بعض منها في مدينة التل وهي مدينة من كبرى البلدات في ضواحي دمشق؛ وموقعها شمال محافظة ريف دمشق. وللعلم فأن تلك المدينة نشأت على أنقاض ثلاث قرى تاريخية وهم القسيمية والبطيحة والقواصر ، وقد أخذت التل اسمها من موقعها، بعد أن بنى أهلُها مساكنهم فوق تل مرتفع في بداية سلسلة القلمون الجبلية، وجعلوا وداينها للزراعة ، و اصبح ساكنيها يحملون اسم “التل” او التلول”..
و لقد عاش طفولته مع والدته في مدينة (عرب كير) حتى عام 1924، عاد بعدها إلى إربد برفقه جده لأمه، و تولي منصب الوزير في حكومة هزاع المجالي الي ان ارتقي الدرج لمنصب رئيس الوزراء، وهو أحد أبرز السياسيين الذين أثبتوا حضورهم على الساحة الأردنية و له شعبية كبيرة تخطت الباب العالي وكانت ندا له بولاية كاملة.
تولى وصفي التل و الذي عمل مع الجيش البريطاني فرع الاستخبارات البريطانية قبل الحضور و الاقامة في الاردن و قبل ان يصبح سفيرا في المانيا و مديرا للإذاعة الأردنية ثم رئيس الوزراء عدة مرات، و كان سكرتيره الشخصي عصام عريضه ( هو مسيحي لأسرة بعض اصولها من اسره اسلامية درزية لبنانية منسوبة الي ال البيت و تحديدا الامام جعفر الصادق ،استقرت في المنارة في مدينة بيروت) وعصام حسبما اعلمني في مكتبه هو من نصحه باختيار اول من يدق باب مكتبه من الفسلطينين و كان علي الدجاني موظف بسيط في الحكومة ( اكمالا للمحاصصة الفلسطينية في حكومة مفترض انها اردنية ، ولكنها المحاصصة البغيضة بلا سبب !) اتي الدجاني وزيرا للصناعه بالصدفه لمده ثلاث اشهر ولم يأت بعدها وزيرا واستلم ادارة غرفة التجارة و الصناعة..كان وصفي التل ذو شخصية قيادية قوية ، شهم و امين وصاحب فكر و قرار، و لم يكن يجتمع مع مجلس الوزراء الذي تركه للنائب و كان يجتمع مع الوزارات السيادية فقط وهي الاقتصاد والمالية و الخارجية والداخلية. ايضا لم يقبل ان يشارك الملك ما سيقوله في اجتماعات القاهره مع الرئيس عبد الناصر ، ولم يقبل ان يملى عليه ، و كان قراره منطلقا من فكره و قوميته وعشقه للاردن . هذه القوة و الارادة و الشعبية هي ظواهر شاع حولها فكرة التخلص و الخلاص منه .
شكل وصفي التل أول حكومة له عام 1962 خلفاً لحكومة المحامي بهجت التلهوني والذي هو من مواليد معان من اسرة سورية استقرت في جنوب الاردن ،وكلف الملك بهجت التلهوني بتشكيل الحكومة كرئيس للوزراء أربع مرات خلال الأعوام 1960-1970 .
شهدشيراتون القاهره في 1971 و تحديدا في الثامن والعشرون من شهر تشرين الثاني اكبر عملية اغتيال في تاريخ الفندق ، وقت ان ترجل وصفي التل من السيارة التي يستقلها وكان يجلس بجانبه في الخلف الفريق علي الحياري السفير الاردني في القاهره واحد الضباط الاحرار اللذين قادوا و شاركوا في الانقلاب العسكري علي الملك الحسين في العام 1957، ( أدت مواجهات عنيفة في 13 أبريل / نيسان 1957 في ثكنات الجيش في الزرقاء بين وحدات بدوية معظمها موالية للملك حسين ووحدات عربية قومية ضد النظام الأردني و حكم عليهم 15 سنه سجن ثم افرج عنهم 1964 في عفو عام ، و بعدها اصبح الفريق الحياري وزيرا للدفاع في حكومة احمد طوقان. نجا الفريق علي الحياري من الاغتيال بعد ان اختباء خلف عجل السيارة من جهة السائق تفاديا لطلقات الرصاص التى اودت بحياة وصفي التل ( شاهد الحادث ابن الفريق علي الحياري ، المهندس رعد الذي عمل مع شركة دار الهندسة التي يملكها و اسسها في بيروت المهندس المتميز كمال الشاعر احد نواب رئيس الوزراء ممن كانوا في حكومة وصفي التل ، من شرفة سكن السفير الاردني الذي كان يطل علي مدخل الفندق) و نفس الشيء اي الاختباء من القتلة قام به الحارس الشخصي الذي لم يطلق اي رصاصه باتجاه المعتدين و فقدت حقيبة يد رئيس الوزراء التي كانت بحودة المرافق و التي قيل ان بها 100 الف دينار. ( اختلفت الرواية حول المبلغ انه 25 الفا او 100 الف دينار و هو مبلغ في العادة يكون بحوزة الرئيس و كل رئيس وفي كل سفر للانفاق منه واستخدامه لامور تتعلق بالمهمة التي يقوم بها، ولم يتم التحقيق او البحث عن الحقيبة).
و قيل انه في أبريل 1970 أمر وصفي التل منظمة التحرير الفلسطينية بنقل جميع قواعدها من عمان إلى الغابات بين عجلون وجرش، لكن أنصارها قاوموا بشدة في البداية لكنهم الجيش الأردني قصفهم بشدة وحاصر آخر الفصائل البالغ عددهم 2،000 شخص في منطقة عجلون – جرش و هجومًا على قواعد الفدائيين على طول طريق عمان جرش في يناير عام 1971، وأخرجهم الجيش من إربد في مارس وبدأت الدبابات الأردنية بالقصف المدفعي العنيف على مواقع المنظمات الفلسطينية لفصائل الفلسطينية التي اعلنت أن وصفي التل شن معارك ضارية حملت اسم ” الخطة جوهر” بقيادة المشير حابس المجالي.
وفي حرب ايلول كان هناك اطراف تقف مع المملكة و منها الجيش الباكستاني بقيادة الجنرال ضياء الحق الذي يقال انه قاتل الي جانب الجيش الاردني بلباس الجيش الاردني ، بينما أكدت “بي بي سي عربية”، في 22 أيلول/سبتمبر، أن وثائق بريطانية كشفت عن مناشدة عاهل الأردن الراحل الملك الحسين بن طلال إسرائيل “ضرب” القوات السورية أثناء أحداث أيلول الأسود عام 1970 في الأردن بين القوات الأردنية وفصائل فلسطينية، أبرزها منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات ، ووتنسب إلى الوثائق البريطانية تأكيدها أن “الملك الحسين ناشد الحكومة البريطانية في 21 أيلول/ سبتمبر عام 1970 تقديم مساعدة له بسبب الوضع الداخلي الحرج الذي يواجهه
و يذكر هنا الموقف السوري حيث وصلت الخلافات بين صلاح جديد و حافظ الاسد إلى أوجها خلال أحداث أيلول الأسود في الأردن عام 1970، حيث أرسل صلاح جديد الجيش العربي السوري لدعم الفلسطينيين، لكن وزير الدفاع الفريق الطيار حافظ الأسد امتنع عن تقديم التغطية الجوية للقوات البرية السورية وتسبب في إفشال مهمته ، فميا اتصلت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل من 1969 الي 1974 عن حزب العمل الاسرائيلي (تراصف) بالملك الحسين حسب الوثائق لتقدم الدعم عارضة استعداد الجيش الاسرائيلي للتدخل و القتال الي جانب الجيش الاردني ضد المنظمات الفلسطينية ، و كن الحسين شكرها ورفض.
كل تلك الامور تعامل معها وصفي التل في مرحلة من اهم و اصعب المراحل في تاريخ الاردن، و العلاقة الاردنية الفلسطينية، و كانت تشكل هاجسا له وهو الاردني الهوى والطامح الي اردن قوي يعتمد علي نفسه و بالتالي في عهده بداء الاهتمام بالزراعة و الصناعة ، و يشهد له أن حكومته الأولى عام 1962 بداءت بتأسيس الجامعة الأردنية كأول صرح علمي في الأردن، ومشروع سد الملك طلال و استصلاح آلاف الدونمات في منطقة الأغوار الوسطى و الاهتمام بتصدير الخضار والفواكه للدول المجاورة، ويتذكر الاردنيون مشروع قناة الغور الشرقية التي تولت نقل مياه نهر الاردن ونهر اليرموك و العديد من المشاريع الزراعية في منطقة الاغوار الشمالية.
و يأتي إنشاء الخط الصحراوي العصب الرئيسي الذي ربط شمال الاردن ووسطه مع محافظات الجنوب مرورًا بمحافظات الكرك والطفيلة ومعان وصولًا الى مدينة العقبة دليلا علي اهتمامه بتحسين شبكة المواصلات الاردنية و ربط المحافظات ببعضها البعض.
و يبقي اغتيال رؤساء الحكومات الاردنية لغزا لم يفك بعد اسراره تحيط به الكثير من الاقاويل والاشاعات سواء ما اصاب المجالي الذي في أغسطس/آب 1960 بانفجار هز مبنى رئاسة الحكومة الأردنية، ومضر عايش بدران ، السياسي ألاردني ذو الاصول الفلسطينة من نابلس التي هاجرت عائلته الي جرش و الذي شغل منصب مدير المخابرات الاردنية وايضا رئيس الوزراء ثلاث مرات من 1976 إلى 1979، ثم مرة أخرى من 1980 إلى 1984، وأخيراً من 1989 إلى 1991 و الذي هو ايضا تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في عمان في فبراير 1981 من قبل سرايا الدفاع السورية..
فهل يقبل في المستقبل ان ياتي رئيسا بهذه الصورة القوية والتي تقف ندا قويا امام الملك تنصحه دون خوف و تقزز بولاية كاملة ؟ و دون اجتزاء للصلاحيات ؟
للحديث بقية
Aftoukan@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى