“اللقاء ما بعد الأخير ” / إياد سالم

خاطرة اسطرها بدمع العين فقد عصاني القلم واعتذر
بعد صلاة الفجر وفي طريق عودتي الى البيت , استوقفني هاجس بداخلي شعرت به للمرة الأولى في حياتي وكأن صوتا بداخلي اوقفني في مكاني , رأيت ظله مقبلا من بعيد, كهيئته التي اعتدت ان اراه عليها قبل رحيله , مستحيل ان اخطىء به ,, و هل يخطئ الدليل قومه! .. احسست بقشعريرة سرت كالنصال الصغيرة في كل جسمي واستقرت مجتمعة في الفؤاد لينبض بقوة و لوعة ..
أبي ..أبي خاطبته هامساً.. كيف عدت من جديد ؟ ومنذ متى وانت هنا بيننا ؟ واين امضيت الفترة الماضية ؟.. ابتسم واقترب مني أكثر ولم ينبس ببنت شفة .. يا الهي انه هو لم يتغير ..وعندما اصبحت المسافة بيننا تسمح بأن تروى غليل الإشتياق ضممته الى صدري بقوة اتنفس عبير رائحته الطاهرة المباركة التي لم تتغير منذ رحيله .. حتى اضحينا كتلة واحدة ..

ازاح جسدي قليلا ومن ثم شدني من يدي وحافظ على صمته المطبق المريب ولم تغب عن محياه الابتسامة وكانه أراد ان يسير بي على نفس الناصية التي كنا نقطعها سوية فيما مضى .,,و وحهني للمسير وكأنه يوجهني في أول مرة اصطحبني بها خارج حدود البيت, وبدأت أسرد عليه ما جرت به المقادير من لحظة رحيله الى اليوم ولكن الغريب وبعد كل قصة كان يسمعها كان يهز رأسه بابتسامة اعرض وكانه ادرى بها مني .. وبالرغم من غياب عنصر التفاجئ عن تعابير وجهه كنت مصرا على الاستمرار بالتحدث معه لأنه ببساطة للحديث معه طعم خاص لا يعرفها الا من عهد مسامرته .

لا ادري كم قطعنا من الزمن او من الطريق , تثاقلت قدماي شيئا فشيئا , وبدات الحياة تدب في الشارع , كادت ان تنسل يده من يدي فرفضت ذلك بقوة , فأشار بيده الأخرى الى الشمس التي بزغت .. نظرت الى الشمس وشعرت بدفء سرى في اوصالي ولمعت اشعتها الذهبية في عيني حتى انتصرت اشعتها على مقلتي الضعيفتين .. أشحت بوجهي عن قرص الشمس الذي بدأ يتوهج شيئا فشيئا وأول شيء شعرت به أني اقف وحيدا على راس الناصية .. كدت اصيح بجنون اين انت؟ ,, اين ذهبت ؟. لم أروي بعد شوقي اليك .. وهل يكفي يا أبت العناق , استطعت أن المح طيفه منسحبا ومختلطا بين ظلال الناس التي خرجت من بيوتها .. قررت أن لا اطارد ظله وبقيت ارقبه بعيني حتى تلاشى تماما ..
نظرت الى الشمس من جديد وعدت من نفس الطريق لعلي أشتم بقايا من رائحته ..
اياد سالم
15/1/2016
في الذكرى السنوية العاشرة لوفاة والدي رحمه الله ..
16:43

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى