عمو صوّرني..!! / م. محمد سعيد سليم

م. محمد سعيد سليم
نشعر أحياناً أن ‘مهندس المساحة’ كائن إستثنائي ، ففي الوقت الذي تبدو بقيّة الهندسات ‘قاتمة’ ، تنظر إليه ‘نظرة حسد’ لراحة باله التي لا يدركها سواه لأنه يقضيها ‘طشّاش’.. لم يعاني إنسان كما عانى هذا المتجذّر في ‘عمله’ صاحب الكاميرا ذات الثلاث أرجل.
تذهب الى المشاريع ، في المدن أو في الصحاري.. تجده الوحيد الموجود على أرض المشروع ، وبقية كادر العمل ‘يشربون الشاي’ في مكاتبهم رغم وجود أعمال ‘بس واقفة عالمسّاح لما يخلص شغله’. المهندسون تاجروا بها ، وحققوا مصالحهم بسببه.
وكان المساح إمّا ‘يلف’ المشروع على قدميه ، أو يرفع طبيعة الأرض ، أو يتلقى طلقات نارية من البَدو لإعتقادهم بأنه يصوّر ‘حَريمهم’..!!! تجده صاحب سيارة 4×4 ويمتلك أحدث الهواتف النقّالة ‘وكاشخ أحلى لِبس’ ، لكن شوفه آخر النهار ، تقول ‘كاين يتفعفل بالتراب..!! يمضي سنوات وهو متفاني في عمله ، يعمل مهندس ومراقب ومساح وشوفير.. حتى طبّاخ المشروع ، وعندما يطلب ‘زيادة عالراتب’ بحكولك: إنت مفكر حالك دكتور؟!!! وكلما دق الكوز بالجرّة ، وجدت مجموعة أطفال يقفون أمامه ويقولون: ‘صورني عمّو..!!’ ، أو يلتف العُمّال حوله كأنه مشعوذ .. ويا ويله إذا غلط ، تنهال عليه الخصومات من حيث لا يحتسِب ، وقد لا يستلم رواتبه ‘كما حدث معي’ في أحد الشركات ‘….’ . ومن الكوارث انه حين يكون صادقاً في عمله و نواياه ، يواجَه بالتشكيك.
وحين يلحّ في أنه ‘والله العظيم شغلي صح’ ، يجد ‘لمعلّم’ يرفع له حواجبه ‘معقول إنت بتفهم أكثر مني’.
ولكون ‘المساحين’ مثل لاعبي كرة القدم ، فإن فرصهم في إحراز الأهداف ، تعتمد عدة عوامل ، أبرزها اتساع المرمى والزاوية التي يقذفون فيها الكرة ، والتي تأتي نتيجة خطأ الدفاع ويصفها المعلّق التونسي عصام الشوّالي ‘الزاوية التي يسكن فيها الشيطان’ ، فكلما كان ‘طقيع أسافين’ ، كلّما زادت مدّة خدمته في الشركة .. أتمنى أن تساعدني لياقتي للاستمرار في الشركة اطول فترة ممكنة بنصف رضا المهندسين ونصف رضى ‘لمعلّم’ ، حتى لا اضطر للّعب في ‘حاكورة’ بيتي ..!! بدها صبر ، واللي بصبر يِنول .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى