ومن الحب ما أحيا / بشاير علي السعيدين

ومن الحب ما أحيا

في بلادي يسخر الجميع من الحب ، ينعتونه بإبشع الصفات ، كالقاتل ، الأعمى ، او حتى المدمر ، ويتلذذون في سرد قصص حماقات البعض ، ودون أي وجه حق يلصقون تلك الحماقات بالحب ، يثرثرون ويقهقون ببشاعه ، يبدو أنهم إعتادو الهراء ، وتناسوا قصص تخلد الحب ومعناه الحقيقي ، لأ ، لا أقصد قيس وليلي ، أنا أقصد إمراة الشهيد وهي في كل صباح تقبل صورة زوجها الشهيد من ثمان سنين دون أن تمل ، وفي كل مساء تحتضن بدلته العسكريه لتستمد قوتها من بقايا رائحته ، وفي كل المحافل تقف بعز لتعلن لكل الكون أنها زوجته وشريكته حتى في غيابه الأبدي.
أنا أقصد والد صديقتي ، عندما مرضت زوجته ترك كل شيء ليبقى كالطبيب ملازم لوجعها دون تخاذل .
وأقصد إبن قريتي الذي قرر السفر ، مواجها تحديات الغربه وأوجاعها كي يتزوج من فتاة أحبها لئلا يسرقها منه أحد .
وجدي ايضا لا يكل من زرع الياسمين ، ويعتني بها دونا عن كل الزهور ، وعندما أسأله عن السبب ، يرد مجيبا وقد ارتسمت على شفاهه إبتسامه فاتنة ، لأن جدتك -رحمة الله عليها – كانت تحبها وعند الخصام تهديني اياها . ويطول حديثه عنها لتتسلل دمعة حنين يملأها الحب والوفاء لروحها .

أنا أقصد تلك الكاتبه ، وقد امتلأت أحرفها حبا وشغفا بإحدهم ، أقصدها عندما تحاول مباغتا إخفائه في ذاكرة الورق ، هي تعلم أن محاولاتها تبوء بالفشل ، لتبدأ بإسمه مع كل هرب ، تتشبث بروحه عند طقوس اي وجع ، تستعين بأحرفه العابره لتقوى على مواجهة أي عناء بصدر متسع رحب .

أنا أعني ما أقول ، هذا هو الحب يا سادة .!

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى