الحركة السرية اليهودية تقرر اغتيال عبد الله التل

#الحركة_السرية_اليهودية تقرر #اغتيال #عبدالله_التل

#موسى_العدوان

في نهاية الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، بدأت المفاوضات مع اليهود في بداية عام 1949، وتم تفويض المقدم عبد الله التل من قبل الملك عبد الله، للدخول في مفاوضات مع اليهود، حول جميع الموضوعات المتعلقة بمنطقة القدس، بما في ذلك بيت لحم، ورام الله، واللطرون. وكان ديفيد بن غوريون ( أول رئيس وزراء إسرائيلي 1948 – 1953 )، يرغب بشدة في تحقيق معاهدة سلام رسمية وشاملة ونهائية مع الأردن.

كما كان بن غوريون، مستعدا للموافقة على تبادل بعض المناطق بين العرب واليهود. وقد قطعت تلك المفاوضات شوطا بعيدا حتى انتقلت إلى الشونة، وأصبحت تحت الإشراف المباشر للحكومة الأردنية، حيث انتهت بتوقيع اتفاقية الهدنة الأردنية الإسرائيلية في رودس.

في مسا يوم 24 / 4 / 1949 قدم عبد الله التل إيجازا للملك عبد الله، بحضور الأمير طلال وزير الدفاع فوزي الملقي، ورئيس الديوان محمد خليفة. فغضب الملك وثار على عبد الله التل لأنه لم يلبِ رغبة الملك في الذهاب إلى رودس، ولأنه تنصل من تحمل هذه المسئولية وتركها لضباط جهلة.

وقد رد التل على الملك بأنه لم يشأ أن يلوث تاريخه في القدس، بالاشتراك في مفاوضات الهدنة والتوقيع على أية اتفاقية، وأنه يرغب في أن يظل جنديا بعيدا عن هذه المسائل. وأنهى عبد الله التل حديثه بأن رجاه إعفاءه من الخدمة. فثار الملك رافضا قبول استقالته، وكرر قوله القديم ( أنت سيفي وسندي ).

المثلث العربي سمي بهذا الاسم لأنه على شكل مثلث رأسه مدينة نابلس وعلى قاعدته من اليمين تقع جنين ومن اليسار طول كرم وقلقيلية ويبلغ عدد سكانه 150 ألف نسمة ويتميز بسهوله الخصبة. قررت الحكومة العراقية سحب الجيش العراقي من منطقة المثلث في فلسطين، وعارض الوفد اليهودي في رودس برئاسة ديان أن يحتل الجيش الأردني مكانه في منطقة المثلث.

وإزاء موقف اليهود في رودس أرسل رئيس الوفد الأردني المكلف من قبل الحكومة عضو الوفد النقيب علي أبو نوار إلى عمان يحمل رسالتين الأولى إلى الحكومة والثانية إلى كلوب تحتويان على الشروط التي يطلبها الوفد اليهودي والتي تنحصر فيما يلي:

1. إيصال السهل الساحلي اليهودي بسهل مرج ابن عامر بواسطة طريق وادي عرعره التي تعتبر حيوية لهم وغير ضرورية للعرب.

2. تسليم بعض المواقع الإستراتيجية في سفح المثلث العربي لتساعد اليهود على حماية السهل الساحلي المكشوف.

طُلب العقيد ديان بالعودة من رودس، للمشاركة مع الوفد اليهودي في اجتماع الملك عبد الله في الشونة، لبحث الموضوع بحضور عبد الله التل وشوكت الساطي وهاشم الدباس. وتحدث ديان باللغة العربية قائلا : إن طلبات اليهود اقتضتها مصلحة إسرائيل، وهي حيوية لها ولا تهم العرب كثيرا، ويمكن التعويض عنها من جهات أخرى، وكرر الشروط السابقة.

كما طلب ديان أن يوعز الملك للوفد الأردني في رودس، بالتفاوض مع اليهود على هذا الأساس، حتى يمكن لليهود تسليم المنطقة للجيش العربي، أو أن يتخلى الملك عن هذه الفكرة، ويترك اليهود لكي يتفاهموا مع الجيش العراقي.

وعلى ضوء ذلك أجاب بالقبول، ووعد بأن يصدر أوامره لمن في رودس بقبول بحث هاتين المادتين، وأنه سيرسل عبد الله التل إلى بيروت لإبلاغ رئيس الحكومة توفيق أبو الهدى الذي كان يرأس الوفد الأردني في اجتماع الوفود العربية هناك.

إلا أن أبو الهدى أقترح على الملك، تشكيل وفدا حكوميا لبحث هذا الموضوع لأن هذه مسألة سياسية، مع الوفد اليهودي المكون من الدكتور إيتان وكيل الخارجية والعميد يادين رئيس العمليات الحربية والعقيد ديان قائد منطقة القدس والرائد هاركابي من وزارة الخارجية. وتقرر أن يشكل الوفد من وزير العدل فلاح المدادحه وحسين سراج وكيل وزارة الخارجية يرافقهم عبد الله التل كمستشار عسكري، للاجتماع مع الوفد اليهودي بالمنطقة الحرام في القدس.

عقد الاجتماع في بوابة ماندلبوم بالمنطقة الحرام ليلة 22 / 23 آذار ،1949 وتحدث فلاح المدادحة بأن مهمة الوفد الأردني هي الاستماع لطلباتكم بالتفصيل فيما يخص منطقة المثلث لأن الملك وافق مبدئيا على النظر بهذه الطلبات. وإذا ما توصلنا إلى اتفاق ستصدر الأوامر للوفد الأردني في رودس ليتفق معكم على الهدنة الدائمة. فرد عليه إيتان وطلب من العميد يادين بتقديم الطلبات، فنشر يادين خارطته على المنضدة وشرح الطلبات التالية باللغة العربية :

1. رسم خطا جديدا عدّ به خطوط الهدنة بينهم وبين الجيش العراقي.

2. كان ذلك الخط الذي رسمه يدفع خطوط العراقيين في بعض الجهات خمسة عشر كيلو مترا للوراء

3. مر الخط من الغور وارتفع إلى محاذاة طوباس ثم مر به بالقرب من جنين إلى أن اخترق الجبال الكائنة ما بين طولكرم وقلقيلية.

عندما سمع عبد الله ما بيّنه يادين همس بإذن فلاح المدادحة وحسين سراج قائلا لهما : صاحبنا يهذي ويتكلم بالخيال، خلوني أرد عليه. فرد عبد الله على الوفد اليهودي قائلا : أن اللجنة ليست مخولة حق النظر في طلباتكم هذه لأنها مستحيلة التنفيذ، وتتناول تغييرات إقليمية خيالية، ولي الحق أن انصح اللجنة بعدم الأخذ والرد معكم إذا كان هذا موقفكم.

وبعد جدال طويل تنازل يادين عن الخط الذي رسمه ورسم خطا خياليا آخر. ولكن عبد الله أجابه بنفس الكلمات التي سبقت على اقتراحهم الأول. وقال فلاح أعطوني أدنى ما تطالبون به نهائيا، عندها رسم اليهود الخط النهائي الذي يرتضون به. وهو نفس الخط الذي وافقت عليه الحكومة الأردنية والذي تسلمه اليهود بعد اتفاقية رودس.

ظن يادين أنه سيحصل على توقيع المدادحة في نهاية الاجتماع، ولكن الأخير أشار إلى عبد الله التل للإجابة. فطلب التل ما يلي :

1. إرجاع الخط اليهودي إلى ما كان عليه قبل تسليم اللد والرملة.

2. إرجاع الخط اليهودي في منطقة بيت جبرين إلى أسدود لتتصل الخليل بغزة.

3. فتح طريق الخليل – بئر السبع – غزة، بدلا عن طريق وادي عرعره. كانت هذه الطلبات خيالية في نظر اليهود، فلم يعلقوا عليها كثيرا سوى بابتسامات صفراء وغمزات فيما بينهم. فتصلب الموقف وفشلت المفاوضات.

توالت الاجتماعات بين الطرفين بمشورة البريطانيين والأمريكان فيما بعد وتم التوقيع على اتفاقية من 12 مادة، ووقعوا على الخرائط المرفقة بها، التي أظهرت حدود الهدنة الجديدة بعد جلاء الجيش العراقي، وكما كانت قبل 5 حزيران 1967.

* * *

المرجع : كتاب عبد الله التل بطل معركة القدس ج 1 / للدكتور أحمد يوسف التل.

التاريخ : 27 / 4 / 2024

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى