ليل ! / أحمد المثاني

ما إن تتقاصر ساعات النهار القائض ، و بعد أن تميل شمسة راحلة نحو الغروب .. و بعد أن يكون الأفق قد احترق و توشح بالأحمر .. و شمس النهار .. تودع يومنا ، و هي تسقط رويدا رويدا خلف السهول المصبوغة بلون سنابل القمح الذهبية .. كما لو بحر تغتسل فيه شمس الغروب .. .. بعد هذا السجال اليومي ، و نحن نطلب عيشنا .. يظلنا ليل بردائه .. لتصبح معالم الأشياء غير محددة في غبش الليل .. و هنا تخفت أصوات .. و ينتهي صخب ، و لتبدأ طقوس الليل الذي لا أدري تزيّنه أضواء المدن .. أو لعلها تفسده .. لليل حياة .. تستيقظ فينا ذكريات و تحضر القلب اشتعالات .. إنها أمنيات و خفقات قلب تنشط ليلا بعد أن يهدأ الضجيج .. ليبدأ ضجيج القلب .. في الليل .. سمر و حكايا و همسات لعل النجوم وحدها من تسترق النظر في وجوه عاشقين .. أو لعلها تستمع لآهات أو أنين .. الليل .. أبو المواجع !! التي تنشط على مغترب .. يحن لأهله و وطنه أو لمحروم .. بات يشكو للنجم غدر حبيب .. أو مريض .. تكالبت عليه الآلام .. و حرمته الرّقاد .. الليل .. طويل على قلوب بانتظار آتٍ . . او رجعة غائب .. الليل .. معاد الطيور و مهجعها ، لتستجمع قوتها لصباح جديد .. الليل .. سهو يقظتنا .. لتنطلق أحلام كم تمنينا تحقيقها .. و آمال بنيناها في أحلام يقظتنا .. الليل .. مستمع جيد .. لآهات و تنهيدات .. و ساتر أمين لدموع يذرفها عاشق .. ! أيها الليل .. رفقاً بنا .. فغداتك صباح .. و مسير يوم جديد .

أحمد مصطفى المثاني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى