نختلف ونختصم كأردنيين / عبدالرحمن رشيد المومني

نختلف ونختصم كأردنيين

في الصف الخامس الابتدائي ( أ )… كنت أود تقديم كلمة صباحية في ذكرى الكرامة… وبعد كتابة النص استعنت بأخي قائلاً:.. خالد.. اسعفني بفقرة افتتاحية قوية عن حرب الكرامة… وخلال ثواني بدأ يملي علي..
(أبت الجباه السمر.. والسواعد الفتية.. والرجال الرجال… إلا أن تخط مجداً.. وترتفع عزة… وتحقق نصراً.. نصراً عربياً.. نصراً أردنياً.. بأيدي رجال الأردن الأباة)

فعلياً… في كل حدث جلل على ساحتنا الاردنية… تعود هذه الكلمات تتردد في ذهني وعقلي… بنفس نبرة الصوت الواثقة والصارمة.. ترسم في ذهني خارطة طويلة من تضاد الأحداث… التي لا تحتاج للكثير من التأمل حتى ندرك قدر الشموخ و الأصالة الراسخ فينا.

نحن نختلف ونتخاصم على الكثير الكثير من حيثيات الحياة… على الانتخابات والانتماءات والقوميات.. وحتى على المباريات.. لكن كما تعلم اخي المواطن.. (إن المهمات فيها يعرف الرجلُ)… فما أن يدق ناقوس عزتنا حتى نتحلق ونجتمع ونكون يداً واحدة.

لكن سرعان ما تظهر عقلية التخاصم… تلك التي تصنع مني عدوك اللدود ان خالفتك الرأي… والمضحك المبكي… اننا نختصم ونتباعد… لغيرتنا ورغبتنا في دوام لحمتنا… فلماذا اذاً يدافع بعضنا عن شخوص ومسؤولين وكأنه يدافع عن شرفه وعرضه ويكيل الاتهامات والشتائم لكل المنتقدين مع انني اتخيل ان الشخوص المعنيين اقل حدة في النقاش او ربما مستسلمين لهذا النقد… وفي المقابل… لماذا اذا اراد البعض نقد أداء المسؤولين نجد نقده عباره عن سلسلة من الشتائم لا تستطيع ان تستخلص منها جملة واحدة منطقية ومدروسة وفي مكانها؟!! النقد وسيلة وليس غاية …. و نحن في امس الحاجة لأعمق معاني الرجولة والثبات والثقة بالذات.

الى من يدافع عن الأداء الحكومي والاعلامي بحجة عدم استقرار المنطقة بالدرجة الاولى وبعدها سلسلة طويلة من الاسباب الاخرى التي لست اناقش هنا مدى منطقيتها… انما اود القول… في خضم توتر المنطقة وعلمنا باستهداف وطننا ورؤيتنا لتسارع مجريات الامور من حولنا سلباً… هل تعتقد ان الصمت عن الاستهتار هو ما سينجينا ؟؟ أخي وصديقي… صدقني ان السفينة لا تغرق بسبب الماء المحيط بها… وانما بسبب الماء المتسرب الى جوفها… وليس استهتار طاقم الملاحين هو من سيوقف هذا النزف للداخل.

وبجميع الأحوال… لا داعي لكيل وابل الاتهامات وفي بعض الاحيان الشتائم والتهديدات احدنا للآخر… كلنا نعي في عمقنا ثوابت الأمور… فدعونا نختلف.. ونختصم… كأردنيين… غيرتنا وفزعتنا لهذا الوطن هي اثمن ما نملك… نقف صفاً واحداً يجمعنا الانتماء لهذا الوطن والغيرة عليه…

حين يقول احدهم … (هناك تقصير)… كيف يخيل للبعض انه يتهم افراد الأمن والدرك ؟!!!

من هم أفراد الأمن والدرك؟!! انهم انا وانت… اخي وابن عمي وجاري… انهم ابناء هذا الوطن… يشاركوننا ضنك العيش ومعطيات الحياة… ولا نشاركهم حمل ارواحهم على اكفهم في سبيل كل واحد فينا… الأمن والدرك… هم قائد مجاز يجلس مع عائلته في اقصى الارض.. يترك عائلته ودفء بيته ويذرع الارض مسرعاً ملبياً لنداء الوطن… ليحميني ويحميك… ويقدم روحه شهيداً طاهراً في سبيل ذلك.
ما من أحد في هذا الوطن كبيراً وصغيراً… لا ينحني اجلالاً واحتراماً … لهامات الشهداء… ورجال ما كان منهم سيتأخر لحظة واحدة عن نداء الرجولة.. نداء الوطن. نحن في وطن كل افراده جنود … ودركيين.

لكل شخص رؤيته… ورأيه… وهذا لا يشكل اي مشكله… طالما التزمنا ايمان كل واحد فينا بصدق غيرة الآخر على هذا الوطن… عندها يمكن للمنطق والحجة الأقوى ان تفرض نفسها دون اخلال بالأمن والأمان… طالما انك تحفظ علي حقي… وتعرف مكانتي منك… فما من اشتات ستستطيع ان تدخل بيننا لتفرق وحدتنا.

دعونا نتأمل بجمال الموقف واللحمة التي يسطرها شباب هذا الوطن.. وشباب فلسطين برسالتهم وتضامنهم يوم امس…
من هنا وهناك… في كل ركن وزاوية… شباب يسطرون معنى الرجولة… ومعنى الشهامة…
يا نشامى… دعونا نختلف.. ونختصم… كأردنيين… كل واحد منهم فداء اخيه… وكلنا فداء الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى