من دفاتر معلمة / خلود المومني

من دفاتر معلمة
( الخيط الأخضر !!!!! ).

لابد أن جميع من تعامل مع الصغار ودرسهم دخل فقرة ( التحجيز ) بينهم على ممحاة أو قلم أو مسطرة! !
تقطعون انسجامكم وتمارسون مهنة القاضي والحكم لإعادة الحق إلى أصحابه.
هذا الأمر شبه يومي. ..بل هو من مكملات الحصة الصفية. …..مس : أخذت محايتي. . مس سرقت قلمي. …الخطأ وارد في هذه الأدوات فكلها متشابهة.
جاءت باكية إلي. …مس أخذت مقلمتي! !! ورغم أنه قد تتشابه المقلمة مع أخرى. .لكن مابداخلها خصوصية لا تتشابه. …أحضرت الأخرى : هل هذه مقلمتك أم مقلمتها؟ ! وبدأت الأيمان الغليظة من الطرفين ….عندما كان الخلاف على ممحاة أو مسطرة ولانصل إلى اتفاق كنت ألقي المختلف عليه من النافذة وأنهي الموضوع. . لكن هذه مقلمة كاملة وتبدو أدواتها ثمينة ومن الظلم أن ألقي بها. ….لم نتوصل إلى اتفاق. ..صادرت المقلمة حتى يتفق الطرفان.
تبعنني إلى خارج الصف بعد انتهاء الحصة وكل منهن تقسم أنها لها.
تذكرت قصة القاضي إياس عندما احتكمت عنده امرأتان اختصمتا على طفل. ….قلت لهن : سأحضر مقصا واقسم المقلمة بالنصف وأدواتها بالنصف ما دمتن لم تصلن لقرار. …..ثم خطرت لي فكرة. ..سألت : صاحبة المقلمة ستعرف إذا كان هناك شيئا مميزا فيها. .عدا عن أغراضها الأخرى فالاثنتان تعرفان جيدا أغراضها وسبق وعددنها كلتاهما.
قالت إحداهن : مس في بالمقلمة خيط أخضر أعطتني أمي أحطه بالجرار وتعاجزت وحطيته بالمقلمة.
فتشتها ووجدت الخيط الأخضر بالفعل. ….شهقت الأخرى وركضت بعيدا عني وعن الصف. …قلت لصاحبة المقلمة. .: أتقبلين بأن أحصل على مقلمتك وسأحضر لك غدا أفضل منها وبكامل الأدوات وجديدة أيضا. ؟! وافقت فرحة وعادت لصفها. …لو أعطيتها اياها ستعود للصف ويعرف الجميع أن الأخرى كاذبة ويتهمونها بالسرقة. …كان علي أن أحلها بحيث لا تأخذ أي منهن المقلمة ولا يخرج أحد سارق.
تبعت الأخرى وجلست معها. …لم أسألها أي شيء بخصوص المقلمة. …بل سألتها عنها. …حياتها. ..ظروفها….وياللهول !!! قالت إن امها وأبيها ماتا في نفس اليوم. ..وهي تعيش مع جدتها. …جدتها أميه..لا تهتم بها. . بنظافتها. . دراستها. ..وكانت تتمنى أن يكون لديها مقلمة زميلتها. .. جميعهن يملكن أشياء كثيرة إلا هي لا تملك شيئا.
تمنيت لحظتها لو أن هناك مرآة لأقف أمامها. ..وأشبع نفسي سبابا وبصقا. …قارب الفصل على الإنتهاء وأنا لا أعرف ظرفها وكثير غيرها لا أعرف عنه شيئا. .. لماذا أنا هنا. …أين دوري؟ !!
الخيط الأخضر كان بداية طريق أخضر أسير عليه. ..الأعداد الكبيرة ليست حجة كي لا نعرف طلابنا. .نحتويهم. . نعوضهم أشياء فقدوها كالاهتمام والحب قبل التعليم. ..من يومها وفي أول يوم دراسي أحضر دفترا. .وافتح صفحات لكل طالبة بالاسم والمعلومات الكاملة. ..ظروف الأسرة. .. تاريخ الميلاد. ….لأهنئها في الموعد .. الخ. ..واسجل ملاحظات أسبوعيا عن كل طالبة. ..وهو ما يعرف بسجل الطالب الذي أعتقد أنه غير مفعل ابدا إلا من رحم ربي.
تلك الطالبة لم تضايق أسرتي وهي تعود معي من المدرسة وتذهب مساء إلى جدتها. .بالعكس كانت أسرتي سعيدة بمساعدتها.
وكان الخيط الأخضر ذلك النور الذي جعلني أتجاوز أي تأنيب ضمير في أي تقصير من أي نوع كان.
اسألوا أنفسكم : كم منكم يحتاج إلى خيط أخضر يهديه الطريق؟ ؟؟!!!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى