عندما نسجل هدف في مرمانا- المبالغة في التضييق على التمويل الأجنبي

عندما نسجل هدف في مرمانا- المبالغة في التضييق على التمويل الأجنبي
سعيد ابو تمارة

قبل حوالي عام قررت دولة غربية عضو في مجموعة العشرين العمل على تحسين وضع المرأة والفتاة في عدة دول في العالم ولحسن حظنا آنذاك تم اختيار الأردن كأحد محطات المشروع اضافة الى لبنان وتنزانيا.
وكان المفترض أن تمتد مدة المشروع اربع سنوات بميزانية ضخمة يشمل الفرع الاردني منها لوحده اكثر من مليون ونصف دينار الامر الذي كان سيوفر فرص عمل للعديد من الأردنيين إضافة الى الخدمة المهمة التي ستوفرها في رفع الوعي ومعالجة مشكلة حقيقة وضعت الأردن في اسفل قائمة الدول من حيث مقياس الجندرية فيما يخص جسر الحقوق بين الرجال والنساء.
إلا أن القائمون على تقديم الموافقات على التمويل الأجنبي حاولوا التدخل في تغيير عناصر مهمة للمشروع ولصالح جهات حكومية علما ان المشروع كان من المفترض أن يتم تنفيذه حسب الدولة المانحة من خلال مؤسسات غير ربحية وغير حكومية ، ويعلم الجميع أن هذا القطاع مشغل لآلاف الأردنيين والأردنيات.
التدخل الحكومي غير المبرر كان سبب تأجيل المشروع وأدى ذلك بنهاية الأمر أن قررت الدولة الداعمة سحب الاموال المخصصة للأردن وتحويلها للمشروع في جنوب السودان والكونجو وتركيا.
هذه القصة تدل على خطورة ما يجري من تدخلات غير صحية ومخالفة للاعراف والتفاهمات التي تجري مع الدول.
من المفهوم ضرورة وجود نظام لتنظيم التمويل الأجنبي لمنع ادخال اموال من دول أو جهات تدعم الإرهاب او لمنع غسيل الأموال ولكن ان يتم التدخل في مشاريع معروفة تخدم الأردن وتأتي من دول تتمتع الأردن بعلاقات ودية معها،هو خطأ قاتل يدفع ثمنه المواطن الأردني والمؤسسات الاردنية والاقتصاد الاردني بنهاية الأمر.
بادرت وزارة التخطيط والتعاون الدولي بالتعامل مع هذه المشكلة من خلال إقتراح وضع مؤسسات غير حكومية معروفة ضمن ما سمي بـالقائمة الذهبية بحيث لا تحتاج الى متابعات حثيثة استقصائية في تحديد من يسمح له بالتمويل الأجنبي. مؤسسات المجتمع المدني تجاوبت مع الفكرة إلا أنها بقيت حبر على ورق.
إن سحب تمويل الفرع الاردني لمشروع إقليمي وفيه عدة دول هو خسارة للأردن على عدة مستويات ولكن تلك الخسارة ستكرر ان لم يتم العمل الجاد على معالجة الأخطاء المتراكمة والمكررة فيما يتعلق بموضوع تنظيم التمويل الأجنبي.
المطلوب من حكومة الدكتور بشر خصاونة الاهتمام بالموضوع وترتيب لقاء جاد بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات والحكومات الداعمة مع وزارة التعاون والتخطيط الدولي لعل وعسى أن يتم إيجاد حلول مقبولة للجميع تحفظ لكل طرف حقه وحقوقه دون أن يصبح المشروع اداة سلبية في يد بيروقراطيين متطفلين ودون ان تسجل الدولة الاردنية هدفا قاتلا في مرماها.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى