للهجرة النبوية أشجان / جروان المعاني

للهجرة النبوية أشجان

نكاد جميعنا أن نتفق أننا الشعوب الأكثر تدينا وبنفس الوقت الأكثر انحرافا، وهي عبارة يكررها عدد كبير من الكتاب والمفكرين، وهو أمر صحيح إلى ابعد حد نلمسه في حياتنا اليومية وقد استُغلت هذه الحالة من قِبل الحكام لممارسة مزيد من القهر والظلم على شعوبهم .
ذات ضعف أفتى كبار العلماء بحرمانية العيش ببلاد الكفر وبين ظهراني اليهود فساعد ذلك على تفريغ فلسطين من سكانها، مستندين على حديث نبوي لا ادري صحته )أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين( وعلى الفور تقفز لذاكرتي أوامر الرسول محمد للمسلمين بالهجرة للحبشة لان فيها حاكم نصراني لا يظلم عنده احد وهنا تبرز خطورة الإفتاء على يد من لا يرى بعقله قبل عيونه.!
ذات هزيمة أُجبرت تركيا عام 1923م على توقيع معاهدة مدتها مائة عام تنتهي بحلول عام 2023م، وتنص على إلغاء الخلافة ومنعها من استخراج النفط وشروط أخرى قاسية وهاهي أوروبا تعيش حالة من القلق لقرب انتهاء المعاهدة، وهاهي تركيا تتجهز للقفز على تلك المعاهدة لتزيد من قوتها ورفاهية شعبها في الوقت الذي تحاول ان تخلق تحالفات لها في العالم العربي، لكننا مرة أخرى نلوذ بالفتوى مستندين لتاريخ أعمى ولإرضاء نزعة الحكام للتبعية للأعداء .
ذات نشوة وحبٍ للحديث خرج علينا رئيس الوزراء هاني الملقي ليحدثنا عن فهم المواطن الخاطئ لمجريات السياسة الاقتصادية ويعلمنا النظافة ولعلي أوافقه في الجزء المتعلق بسلوكياتنا واستهجن وارفض بقية حديثه الذي يذر الرماد في العيون، وسيجد من يفتي له بصدقه وبأن العوام على خطأ .!
السؤال الذي يتبادر للذهن ما الرابط بين الذوات الثلاث الضعف والهزيمة والنشوة وجوابي إنها الفتوى أيها الإخوة، فالفتوة تتسبب بتحويل الهزيمة إلى نصر، تقلب حقائق الحياة، تجعلنا أسرى بيد علماء يبيعون أنفسهم للحاكم، ومن يأبى مصيره القتل او السجن، والشواهد اليوم كثيرة لذا لنفر من فتاويهم ونلوذ بقول نبينا الصادق معنا (استفتي قلبك) .
في عالمٍ تغير مزاجه كثيرا وصار يصحو على صوت البنادق بدلا من صوت عبد الباسط وفيروز يصبح استفتاء القلب أجدى.
في عالمٍ يُطلق الرجل زوجته ويقتل فيه الأخُ أخاه بسبب فتوى وبسبب انتمائه الحزبي أو ولائه لجهة ما، يصبح استفتاء القلب واجب.
نحتفل بذكرى الهجرة النبوية ونسمع إخباراً عن قرب انتهاء العالم (يوم القيامة) وندعي معرفتنا بالحلال والحرام، نمارس عباداتنا على وقع الفقر والقهر والموت الممنهج حيث الفتاوى المُعلبة جاهزة لتُرضي صانعي القوانين وتجبرنا على الانصياع لهم خوفا من دخول النار، في ظل كل هذا يدفعنا العقل للمطالبة بالتفكير ألف مرة قبل الاستماع لهم لا بل بضرورة التمرد عليهم وانتظار عام 2023م لنرى نتيجة تحرر تركيا من معاهدة كان جل همها ان تعيق نموها وتمنعها من استخدام مقدراتها.
وآخر فتوانا لكم ان النبي محمد انتصر بالعقل والعدل، فالتف حوله جيل يؤمن بالمبدأ فارتضوه نبيا وعبدوا الله صادقين حيث أفعالهم تطابق أقوالهم لا بل أنه صلى الله عليه وسلم اقسم لو أن أحب الخلق إليه (فاطمة) سرقت لقطع يدها، هل بقي بعد هذا حاجة للفتوى لمحاسبة السارقين الفاسدين، وكل عامٍ وانتم بخير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى