زمن الكراهية

زمن الكراهية
جروان المعاني

في زمن الكراهية وتصاعد اليمين المتطرف في عدد من دول العالم وعلى راسها امريكا وبريطانيا اللتان كنا نعتقد انهما دولتان عصيتان على الكسر حيث كل شيء مبرمج او على الاقل قابل للبرمجة، فمكنكوا الحياة وطغت التكنولوجيا حتى القتل صار اتوماتيكياً، والمثير هنا انهما كانتا الدولتان الاكثر ممانعةً لاتخاذ اجراءات منع انتشار جائحة كورونا، وها هما من الدول الاكثر تضررا حيث لم تستطع تقنياتهم العالية ولا جيوشهم ان تمنع حصد الاروح فيهما.
تعاطفي كبير مع شعوب العالم كافة واشارك الملايين في محاولة فهم ما يجري وسر عجز العالم امام هذا الكائن الصغير، الذي يكاد يوصل العالم الى حربٍ كونية لا نكاد نعرف مكان حدوثها، فالصراع التجاري العالمي سيتحول في الفترة القادمة الى صراع من اجل البقاء على قمة العالم وانني سلفا اتخذ موقفا مؤيدا للصين وحلفائها ضد هيمنة امريكا واتباعها، فدوما امريكا تخلق اتباعا ينفذون سياساتها وهم صاغرون، وتجلى ذلك علناً بعد وصول بوش الاب للحكم وفُضح في عهد ترامب.
اذا كان القرنين التاسع عشر والعشرين قد ظلم فيهما شعوب عديدة في العالم بفعل الاستعمار الغربي، فان القرن الحادي والعشرين شهد ظلما ابشع من خلال تمويل الفتن ببلاد بسيطة شعوبها لا تمتلك من التكنولوجيا والسلاح سوى ما يمكنها من قتل بعضها حيث استغل الغرب الاستغلالي عقلية الاستبداد لدى الحاكم العربي وعقلية القبيلة عند الشعوب، ثم كان الافيون الاكبر ممثلا بالطائفية الدينية التي تحكم فيها جهلة اسموهم علماء دين، فكان ما كان من فتنة السنة والشيعة وانهيار للعراق وسوريا واليمن وليبيا ثم زعزعة النظم في الجزائر والسودان ومصر، انه تاريخ يحار المفكر في تفسيره، فيتركه جانبا ويمضي في محاولة درء الفتنة وتجنب نفس المصير.
نعم انه زمن اشتعال الكراهية حيث رأس المال يتغول على كل قيم الحياة، فلا معنى للإنسانية في هذا الصراع القائم، فجاء كورونا مبشرا بزمن مختلف حيث اقتراب الانسان من الانسان قاتل وان التباعد قد يجعلنا نرى الاخر بعين مختلفة، فقد اقتربت الدول والافراد من بعضهم الى حدود لا تطاق حيث عالم الانترنت الغى كل الحدود وفضح خصوصيات البشر فاراد الله ان يقول لنا كفى لا تتجبروا فقد وصل الطغيان حد قتل الطبيعة .
يكاد العالم يختنق من طغيان الدم والقتل المنتشر بين ضعفاء الارض، وحيث تجاوز عدد مخيمات اللجوء عدد الدول، وحيث تطاولت الابراج فتكاد تلامس السماء، وحيث تم المساس بكل مقدس وانتشر الاعتداء على اعراض النساء والاطفال، وهيمنت على البشرية عقلية الشيطان بفعل سيطرة العقل الامريكي والغربي عموما على مجريات الحياة كلها وعلى امتداد الارض، فجاء هذا الفايروس ليقول كفاكم قتلا واجراماً، واجبر الملوك على الاختباء في جزر بالبحر، واوقف حاملات الطائرات وقزم رأس المال.
في زمن الكراهية هذا سينقلب السحر على الساحر، وستعمل الطبيعة على استعادة بعض صفائها، وكلي أمل ان تعود الانسانية الى فطرتها حيث لكل انسان حريته في معتقده الديني وتعود الارض لتنجب قمحها وزيتونها بسلام برغم انف الساسة الامريكان واذنابهم، وما ذلك على الله بعزيز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى