حق الهروب من قهرستان … ! / علاء البدور

لمادة رقم 1 من حقوق الانسان
حق الهروب من قهرستان … !

يعلو ذلك الصوت الانيق معانقا صداه في ارجاء صالة المغادرين مناديا النداء الاخير لركاب الطائرة المغادرة الى المجهول …
يجهز اوراقه و جواز سفره و نظرة اخيره يلقيها من خلف الواح الزجاج الضخمه على تلك الرقعة الصحراوية الواسعه التي تحاصر المطار .
يطيل النظر الى اللاشيئ تمر امام عينيه الاف الاحداث والاف الاوجاع التي ما فتئت تدفع به الى هنا تائها باحثا عن مستوصف صغير يعالج فيه جراحه التي ملئها الصديد.
باحثا عن شاطئ امن بعيد عن امواج الوطن المتلاطمه التي اغرقت مراكب الضعفاء من ابناءه و ابقت على بواخر الحيتان و السماسرة عائمة بسلام .
باحثا عن كوخ او حتى سرداب يداري فيه سوئته و ماسيه و يطمس فيها ماضيا عاشه يخلو من ذلك المعنى الحقيقي للوطن ، بعد ان اصبحت اوطاننا كانتينات للمارين و السماسرة فقط يشترون فيها المرطبات والسجائر و ارخص الضمائر و اشهى انواع الكبائر .
يلملم بصمت ما تبقى من انسانيته و مكنونات صدره و يقمع رغما عنه الاف الاحاسيس التي اختزلت نفسها بذلك الشعور الغبي الذي يجمع بين اقوى الاضداد بين الالم و الغبطه ..
الم الهروب من الوطن و غبطة الهروب منه !
ملايين الاحلام المكبوتة ها هي تدنو من التحقق و طموح عقيم بواقع افضل بعد طول انقهار لن ينجب الا بتأشيرة و تذكرة ذهاب بلا عودة .. امنيات باراض غريبة تشبه ارض الله الموعودة … تنسيك الوطن و اوجاعه تنسيك الوطن ومن باعه تنسيك السخف و صناعه … و صراع داخل نفس تتمزق الما و تصرخ :

انا انسان
من حقي ان احيا كانسان …
من حقي ان انسى افاتٍ بلاد العُـربـان …
من حقي ان انجو بِاسلامي في ارضٍ تَملؤُها الاوثان …
من حقى ان اهرُبَ كالمذعورِ مِـن شرقٍ تؤرقُـه الانثى اكثر من كل الاديان …
من حقي ان اهرب من شرقٍ يتشرذم كالقصعة على ايدي بني يعرب …
من حقي ان اهرب من شرقٍ يملؤه النفط حتى اذنيه لكن الانسان من ينـضُـب …

من حقي ان اهرب من ارض تنهشها قطعان الصلعان
من حقي ان اهرب من سبعين اصلعا و سبعين زانيا و سبعين اكتعا
باعوا ارضي بجميع الاثمان
باعوا وطني بقصر او حتى بستان
جعلوا من اجسادنا اكفان
جعلوا من احلامنا غيلان

مقالات ذات صلة

جعلوا منا مسافرين في سفينة الأحزان
نفترش الارض داخل أقفاصنا كالجرذان
لا شاطئٌ يقبلنا.
لا حانة تقبلنا.
لا امرأة تقبلنا.
كل الجوازات التي نحملها
اوراق صفراء لا تدخلنا اكثر من ستة بلدان
قهرستان و قمعستان وقردستان
و كفرستان و اثيوبيا و جنوب السودان

جعلوا منا مسافرين خارج الزمان والمكان
اضاعوا نقودنا
وضيعوا متاعنا، وضيعوا أبناءنا،
وضيعوا أسماءنا، وضيعوا فينا انتماءنا..
وضيعوا احساسنا بالأمان
جعلوا من وطني وجبة ساخنة تقاسمها كل الصبيان …

من حقي ان اهرب كالمذعور من شرقٍ يخنقه الخذلان …
من حقي ان اهرب من شرقٍ تقتله سيوف الطغيان …
من حقي ان اهرب من شرقٍ يغتصب الانسان …
من شرقٍ يغرق الحاداً و يتهدج بذِكـرِ الرحمن …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى