#تحت_الضوء

#تحت_الضوء

د. #هاشم_غرايبه

عبارة سمعتها قبل عشرين عاما، من أحد الفرنسيين المتضامنين مع قضية فلسطين، قالها في محاضرة له في مجمع النقابات المهنية في إربد: ” أتدرون لماذا أتحمس للحضور هنا؟.. هنا أستطيع أن أقول ما أومن به بحق اليهود، في أوروبا نحن مخنوقون محاصرون بقانون معاداة السامية..لا أحد عندنا يجرؤ على ذكر (إسرائيل) بسوء، ولا حتى ذكر كلمة يهودي”.
تمكنت حكومة العالم الخفية (مثلث المال اليهودي: روتشيلد – روكفلر – نيومان)، من الإطباق تماما على مفاصل التحكم الرئيسة في العالم، وهي المال والإعلام، فخضع لها الساسة وارتعب المفكرون .
وهكذا شهد القرن العشرون ما أخبرنا به القرآن الكريم: ” لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً ” ، فهل هنالك إفساد أعظم من احتلال بلد آمن وطرد أهله منه وتشريدهم وملاحقتهم بالإغتيال والتنكيل؟.
وهل هنالك علو في الأرض أكثر من أن تجد الرمز الروحي الأعظم للعالم المسيحي (بابا الفاتيكان) الذي يصطف عشرات الألوف لكي يشاهدوه عندما يلوح لهم بيده ليحظوا ببركاته، فيما نشاهده وهو يقف خاشعا أمام أبناء روتشيلد وهو سعيد أن سمحوا له بالإنحناء أمامهم واحدا واحدا وهو يشمخون برؤوسهم ويمدون اليد له ليقبلها شاكرا أنعمهم من دون الله.
حقا إنها معاناة صعبة، كل الأمم الجبارة والأقوام العريقة تتراكض لطلب وُدّ هذا الكيان اللقيط، ما من رئيس أو زعيم إلا ويحج اليه لينال منه المباركة، والتي هي شهادة الإعتماد المقبولة لدى الحكومة السرية.
فئة واحدة فقط من بين كل البشرهي المتمردة على هذا العلو والتجبر.. إنهم المسلمون!.
ذلك لأن الله قدر هذا الأمر في سابق علمه حيث قال: “إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ” [المعارج:19]، ثم يكمل تعالى بتبيان مواصفات الإنسان المستثنى من حالة الهلع هذه التي تجعله يسكت عن المفسدين في الأرض، ويرضخ للعالين فيها، لنجد أن هذه المواصفات تنطبق على المسلم المؤمن فقط.
لذلك أراد الله لنا أن نكون منيبين له فقط، وليس لأي من خلقه، ولذلك أنزل علينا الرسالة.
لكن لو التزمنا حقا بتلك المواصفات، هل كان من قدرة لليهود أو غيرهم أن يسومونا سوء العذاب؟.
لذلك يحرصون وكل أتباعهم على التفريق بيننا وبين ديننا، إما بإبعادنا عنه بالضغوط السياسية الإقتصادية، أو بإبعاده عنا تحت شعار فصل الدين عن الدولة، أو يلجؤون تارة لابتداع عقائد زائغة تفريقية في الدين، وتارة بمحاولة إحياء العصبيات القومية العروبية، وإعادتنا الى جاهلية ما قبل بزوغ نور الهداية.
مؤخرا توصل شياطينيهم الى اختراع فكر الإرهاب، كأفضل وسيلة لإيهامنا أن عقيدتنا فكرها ظلامي وشريعتها ماضوية، لذلك نثروا بيننا بذور العداء لها فاستنبتوا منها مثقفي العلمانية الذين يشيعون أنهم تنويريون حداثيون، وأنهم يحملون على عاتقهم همّ تقدم الأمة.
سأعرض أمثلة واقعية على هذه الحالة، والتي يسقط فيها المثقف من بيننا في فخ الشهرة والجوائز العالمية، ففي حالة نادرة، أعلن قبل بضع سنوات في باريس عن فوز المخرج اللبناني الأصل “وجدي معوض” بجائزة كبار النقاد عن عمله المسرحي “كلهم عصافير” ، كما عين بعدها مديرا للمسرح المعروف “لا كولين” في باريس والذي من الصعب أن يصل إلى ادارته مهاجرون من أصول عربية، لكننا نفهم السر عندما نعلم أن قصة المسرحية الفائزة تدور حول عائلة يهودية، وتركز على التعاطف معها، وبالتدقيق تبين أن القصة شاركت بها صديقته اليهودية “نتالي زيمون”، وأن العرض ممول من جامعة تل أبيب ومسرح “كاميري” في الكيان اللقيط. وبذلك ينضم “معوض” للقائمة المتزايدة من اللبنانيين المطبعين مثل أمين معلوف وزياد دويري وزياد عيتاني.
لو توقف الأمر عند بضعة علمانيين منسلخين عن أمتهم، لهان الأمر، فهؤلاء أصلا من الهلوعين، لكن الفجيعة أكثر أن التطبيع عربيا يتنامى بين المثقفين الطامحين للعالمية، ورسميا بات منهجا عاما لجميع الأنظمة العربية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى