الولاية العامة..

#الولاية_العامة..
بقلم/ د.فلاح العُريني.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يختار فريقه الوزاري بإرادته، ولايتعرف عليهم بعد أداء القسم.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يملك حق محاسبة وزرائه، ومشاركتهم بوضع الخطط الاستراتيجية التي تسير عليها الحكومة طيلة فترة عملها.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يكون مسؤولا عن أفعاله أمام مجلس الأمة والرأي العام.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يتم اختياره وفقاً لكفاءته ومهارته السياسية والاقتصادية، بعيدا عن سيرته الاسرية الوراثية، والتي غالباً لاتلبي ارادة الشعب أو ثقته وقناعاته.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما تكون سلطاته الحقيقية ممتدة على منهم دونه في المنصب، وليس مجرد رقم هزيل أو صفر على الشمال يصغر كلما اقترب من الفاصلة العشرية.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يستطيع فرض سيطرته القانونية على مؤسسات الدولة وهيئاتها وجميع القطاعات الاقتصادية والخدمية والمرفقية فيها.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يكون سجله السياسي نظيفاً، وتاريخه النضالي طاهراً ويسير وفق المصلحة الوطنية، ليستطيع حينها فرض إرادته الحكومية على كل من سوَّلت له نفسه شق النصوص الدستورية والقانونية وانتهاكها.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يخرج من رحم الشعب ومن ضمير الشعب، ومن ارادة الشعب، وليس عابراً للأوطان، أو ضيف شرف.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يطبق قواعد القانون على أرض الواقع دون أن يَحسِب ألف حساب لاصحاب النفوذ والسماسرة والمرتزقة وحديثي الوطنية والولادة.

يكون رئيس الوزراء صاحب ولاية عامة، عندما يكون حقيقة الرجل الثاني في الدولة، وليس الرجل التاسع والتسعون بعد المئة في الكرسي الخلفي للباص السريع.

يكون وزير التربية والتعليم صاحب ولاية عندما تصدر قراراته بإرادته ويعلم طبيعتها ويدرك ابعادها وليس جاهلا بأبجديات التعليم، ويجهل المفهوم الحديث للتعليم والذي أودى بحياة المسيرة التعليمية في الوطن، فأنَّى لوزير التربية أن يعلم شيئاً عن منصة درسك أو مناهج كولينز أو التعلم عن بعد، وما هذا الارتباك والتخبط والتلعثم التعليمي الا دليلاً صارخاً ودامغاً على جهل قادة التعليم، وبعدهم كل البعد عن مصلحة الوطن، حتى نراهم بعين الشعب التي ابصرته أُمِّيُّون في لغة التعليم، ولربما يدركون كل شيء الا حقيقة التعليم.

يكون وزير الصحة صاحب ولاية، عندما يملك حق زيارة المرافق الصحية وتفقدها، والتصريح الرسمي والمسؤول حول واقع الحياة الصحية في البلاد، ويملك الجرأة والشجاعة في الاجابة عن اسئلة المواطنين المتعلقة بحجم الكارثة الوطنية التي نراها ونعيشها بسبب جانحة كورونا، وكيفية التعامل معها، وسر اختلاف البروتوكول الصحي من وحدة صحية إلى أخرى، والحديث عن اللقاح المكتشف عالميا ومدى جدواه حتى لانصبح حقلا للتجارب الصحية كما اصبحنا حقلا للتجارب في جميع ميادين الحياة وكأننا فئراناً مخبرية، حتى تجرعنا الذل والفقر والعوز والهوان.

يكون وزير التعليم العالي والبحث العلمي صاحب ولاية عندما يجرؤ على محاسبة الجامعات على فسادها وتقديمها للعدالة، وعندما تكون سلطاته أقوى من سلطات رؤساء الجامعات الحكومية، وعندما يكون تعيينه في الاساس لمراقبة عمل الجامعات الخاصة، ورفع كفاءتها، عكس مايحدث الان في ظل هذه الحكومات البالية، والتي امتدت فيه عصا مالكي رأس مال الجامعات الخاصة لتحدد شخصية وزير التعليم العالي بما يضمن نفوذها وهيمنتها.

فلا يمكن الحديث عن ولاية حقيقية لوزير التعليم العالي مادام يخشى نفوذ الجامعات ويقف عاجزا امام هيئة اعتماد الجامعات، التي اصبحت ربيبة الفساد في الوطن وخنجرا في خاصرة التعليم العالي وجرحا غائرا في افئدة وعقول حملة الشهادات العليا، ومرتعا خصبا للفساد يفوق صلاحيات اقوى جهة رقابية.

أيها الشعب السياسي..

لا ولاية في هذا البلد الا لفئتين إن احسنوا التصرف.

أولاً: الولاية للمواطن الذي يمتلك روح المواطنة الاصيلة بعيدا عن المصلحة الخاصة، واقصد هنا احرار الوطن والمخلصين من أبنائه، وهؤلاء يمتلكون الارادة والولاية على انفسهم ويمارسونها وفق ارادتهم وقناعاتهم التي تصب في المصلحة الوطنية، رغم محاصرتهم ومحاولة قمعهم وتصويرهم للرأي العام كناقمين وليس كناقدين للسلوك الاجرامي الذي تمارسه الحكومات بحق الوطن.

ثانياً: الولاية لمجلس النواب، متى كان منتخبا انتخابا حراً من قبل الشعب السياسي، وبقانون انتخاب عصري يتناسب مع التركيبة السكانية ويتواكب مع تطلعات الشعب السياسية، عكس ماهو عليه الان، فالنائب اليوم ماهو الا غطاء غير شرعي ليضفي الشرعية على الاجرام الحكومي ويحلل حرامها، ويفتي بطهارتها.

فمجلس لايملك طهارة الصوت، كيف له ان يتقدم إماماً لتصلي من خلفه حكومة نفساء بمواليد الفساد والسلب والنهب؟.

الخلاصة.

إذا فقد صاحب الولاية ولايته، وصاحب المسؤولية مسؤوليته، فهذا يعني فسادا في الوطن، وانهياراً في القيم السياسية، وتمزيقا للنسيج الاجتماعي والفكر القومي والرؤية الوطنية..
وعلى أثر ماسبق ظهرت لدينا الأمراض الوطنية بجميع حالاتها..
فها نحن اليوم نبحث عن الواسطة لتسير بنا الحياة رويدا رويدا نحو موت أفضل بثمنٍ أقل، وما كان ذلك ليكون لو كنا نحتكم إلى القانون، وكنا امام القانون سواء، وكان القانون فوق الجميع، وليس اقلية حقيرة استعبدت الشعب، وركبت فوق القانون ونحن تحته..
وظهر لدينا رجالا لايتناسبون مع اي موقع سياسي في الدولة، وماكان وجودهم الا من باب الترضية وسياسة الاقصاء لأحرار هذا الوطن ومحاربة أبناء الوطن الحقيقيين الذين بنوا هذا الوطن بأركانه على اعتاقهم واضلاع والديهم وسواعد اجدادهم، واليوم نرى المناصب يتزعمها أناسا لا اساس لهم ولاربيعا ولاعشباً أخضرا في سفوح الأردن العزيز.
وختاما أقول إن انعدام الولاية، جعل الوطن مزرعة لكل من يملك بذور الطمع والفساد والتكسب والعبث بخيرات البلاد ومصير العباد.

إن الولاية اليوم في الوطن، لمالكي رأس المال القذر، واصحاب النفوذ والهيمنة، والباعة المتجولون على جثث الشعب، ولا ولاية لسواهم.
إن الوطن اصبح ضحية محراث البور، وارضا خصبة لتفريخ الزعران من ذوي الكراسي المزيفة، وأنا وأنتم شهود، والله خير الشاهدين.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى