الغزل الماركي …. / ماجدة بني هاني

الغزل الماركي ….
بعد التحية والتقدير لطرح الأستاذ أحمد الزعبي النافذ والمعبر، في مقالته المعنونة بلا تأسف يا مارك ، ومن وحي ماضينا التليد….

ذات زمن وضمن ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية لا تخفى على الباحث، نشأت ظاهرة الغزل العذري، ونسبت إلى قبيلة عذرة التي سكنت أطراف المدينة، قال أحدهم حين سئل عن حبهم العذري؛ نحن من قوم إذا عشقوا ماتوا، نساونا فيهن صباحة، ورجالنا فيهم عفة….
يقول مجنون ليلى شاكيا حبه.
أمر على الديار ديار ليلى… أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار ملكن قلبي…. ولكن حب من سكن الديارا

وفي عصرنا الحاضر، ولمن يطلع على منشورات الفيس بوك، وحالاته، ومشاهداته يلحظ ظاهرة حب جديدة، أسميتها بالغزل الماركي، نسبة ألى مارك أطال الله عمره…
والمتفحص الحاذق يلحظ أن ما نسبته حول الثمانين بالمئة من الفيسبكيين يعانون حالات الجفاف العاطفي، والحرمان الحبّي أن جاز لنا التعبير، بالإضافة إلى الفيض الوجداني والبوح القيسي، والجنون العذري يتمترس خلف شاشات الهواتف الذكية، بطلاته وإبطاله من وحي العوالم الافتراضية، ومن صنع تقنية نسخ لصق، في عملية تدوير هائلة للمنشورات، وقنوات يوتيوب، والمكتبات الإلكترونية التي تغص بالشعر المستوحى من قصص العشاق والمغرمين على مر الدهور والعصور….
ومما لا شك فيه أن الكثيرين يمارسون الحب وينفقون الساعات، خلف برمجيات الهواتف دون أدنى مسؤولية، بحق نساء أغرار غاراقات في مجتمع يمارس في الوقت ذاته السطوة الذكورية، والظلم والاجحاف من اقرب المقربين، فالظلم واقع على كل الحالات، عند الاستهانة بحقوق الأخرين، وتجاوز حدود العرف والأخلاق، والقيم التي تربينا عليها في احترام حقوق الآخرين وحرياتهم وعدم تجاوز الحدود….
لست بصدد حل المعضلات التي تفشت وعم بها البلاء، ولكن وددت الإشارة، فالمشكلات تشعبت، وطالت معظم البيوت ، واقتحمت الكبار وسيطرت على الصغار، ووضعتنا في متاهة، تحتاج التعاون الحقيقي للخروج منها.
لن أطيل ولو أن الحديث ذو شجون، لكن لفتتني إشارة طريفة ذلك الغزل الماركي بين الأزواج، في التعليقات، قد منحت المرأة الفرصة أن تقدم إطراء لزوجها على منشور، ليرد عليه بمثله، في حين عجز لسانه عن نطق كلمة…. على صعيد الواقع، يعجبك قولهم على صفحات الفيس بوك، والبعض للبعض من ألد الخصام، ناهيك عن الرسوم التعبيرية الثرة التي تتجاوز بالأيحاء ما تعارف عليه الأحياء….
أكرر التحية لكل من يضيئ في عتمة هذا الواقع شمعة، شمعة أمل، ونذير خطر، فالقيم والأخلاق خط أحمر.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى