العبقري / يوسف غيشان

العبقري
لم يكن شقياً فحسب ، بل كان الأشقى والأكثر ( عفرتة ) بين اقرأنه ، ولم يكن يسلم من شره احد ، ولا شجرة ولا لوح زجاج …. وفي أحدى غزواته على بستان الجيران سقط عن غصن عالٍ ( فإنقلعت ) واحدة من (أضراسه) الجانبية .
لحد الآن فالحكاية عادية ( وتصير في أحسن العائلات ) ، لكن غلامنا هذا استهوته لعبة تمرير لسانه في الفراغ الناجم عن انقلاع السن ، وقد أوغل في هذه اللعبة ، فلم يعد يلعب ولا يتكلم ولا يأكل إلا مُرغماً ، بينما هو منهمك طوال الوقت في تمرير لسانه داخل فراغ السن .
احتارت القرية بأمر الولد ، الذي صمت فجأة وأصبح ( أهدأ ) طفل في العالم . بعض العجائز همسن في أذن أمه ينصحنها ان تراجع طبيب القرية الوحيد ، لعل مرضاً أو مساً من جنون قد أصاب الولد ؟ .
راجعت الأم طبيب القرية العجوز الذي عاين الطفل سريرياً ، فتصفح مريضه الوحيد، وقال للام بكل ثقة : ابنك ليس مريضاً ، ابنك عبقري ! فأطلقت الأم زغرودة مطاطة ، وذبحت دجاجتها الوحيدة (فدوى الولد ) ودرءاً لحسد الحاسدين .
كاندلاع النار في الهشيم ، انتشرت قصة الولد العبقري ، وصارت على كل شفه ولسان . لم يكن الولد يدرك ما حوله ، إذ كان مشغولاً بلعبة اللسان والسن المخلوع ، لكن مجلس القرية اجتمع وعينه رئيساً للمجلس البلدي .
لما وصل الخبر للمحافظة – ، اجتمع مجلس الأعيان الأوفياء وعينوه رئيساً للبلدية ، ثم محافظاً ، ولما كانت الانتخابات على الأبواب فقد رشحوه لتمثيل المحافظة في البرلمان ، ففاز بأعلى الأصوات ، كل هذه والغلام يلعب بلسانه مكان السن المخلوع . وفي البرلمان …
لن انهي القصة لأسباب تتعلق بالنشر ولكني أدعو الجهات المختصة إلى تشكيل هيئة محايدة من أعضاء نقابة الأسنان في الأردن من أجل إجراء فحص شامل كامل الأسنان – أو أنياب لا فرق – نوابنا الأفاضل .
الفكرة مأخوذة بتصرف عن قصة أجنبية بعنوان السن المكسورة ، ترجمها الدكتور حسين جمعة .
من كتابي(شغب)الصادر عام1993

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى