الحكومة والحبس / عبدالحي حباشنة

الحكومة والحبس
مذهل تماما ما تفتقت عنه عقلية الحكومة في مشروع قانونها للارصاد الجوية تعبيرا عن ابداع خلاق في ايجاد وتيرة موحدة للتنبؤات الجوية بمنظور حكومي صرف والاكثر اثارة في هذا المشروع عقوبة الحبس المقترنة بالمخالفة لاي من نصوصه والقائمة على تقديرات لا ادري كيف يمكن لعاقل ان يؤطرها ضمن فهم مشترك معقول او مقبول .
منذ بداية الحياة الانسانية المنظمة كان القانون والعقوبة فيه قائمان على فلسفة الردع الاجتماعي لا على العقاب بذاته الى ان تطورت لتكون اساسا لفكرة العهد الذي يلتزم به الجميع وما العقوبة الا جزاء فعل المخالفة للمجموع ,ولكنك تحس في الاردن وخلال السنوات القليلة الفائدة ان الجملة التشريعية الابرز في معظم التشريعات الناظمة للعمل العام هي الحبس وفي ذات اللحظة عمومية مبهمة في تحليل النصوص التي تستلزم مخالفتها الحبس .
أي منطق كان يحكم حين قررت الحكومة وكردة فعل طارئة على منخفض جوي عادي اصدار تشريع جديد واي حسابات يجريها هؤلاء النافذون في ادارة شؤون الناس ومصالحهم . ولنفترض جدلا ان كل التنؤات الجوية كانت خاطئة بالمطلق – وهذا ليس صحيحا تماما – فان الحل يكون بمراجعة اداء المؤسسات المعنية وتطوير قابلياتها وقدرتها على التنبؤ وليس باصدار تشريع جالب لكل اشكال الاستغراب والعجب حتى يخيل للكثيرين ان الحكومة تشرع ضد شخص بعينه او حالة بذاتها ولا تتعداها مما يجعل معايير التقييم المعتبرة للاداء التشريعي وتطور القانون محل سؤال كبير وكبير جدا .
ببساطة ادعمي ايتها الحكومة دائرة الارصاد بمبلغ يوازي نصف امكانات ومخصصات السفر لشخص واحد في بعض المؤسسات المستقلة التي لا تفعل شيئا على الاطلاق وسيتحسن اداؤها وتصبح على ما يرام .. ام هو ذر الرماد في العيون وتوجيه العامة الى غير مكان نظرهم الصحيح والمفيد .
أي استقرار تشريعي نريد اذا كانت الحكومة ستشرع العطس الزائد عن الحاجة والبوس في المناسبات العامة والمشي على الارصفة بعد ان شرعت للطقس والهواء والفيس واخواته من وسائل التواصل . وماذا بقي للناس من هوامش للابداع والحركة والتنوع .
الحبس ليس عقوبة الا في حدودها التي ارادها المشرع ضرورة انسانية قائمة على خلق توازن اجتماعي وسلوكي عام لمصلحة الناس لكنه يبدوا ثقافة بدات تشق طريقها الى تقييد الناس وتكميم افواهها على غير هدى من حق او دلالات من فعل جرم مدان وهو امر ليس من الطبيعة القويمة ولا ضرورات البناء المجتمعي العام فرفقا بالناس وعقولهم وحرياتهم وكفاكم هذا الاستخفاف المريب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى