الإعلام “كلمة”

مقال الخميس 9-1-2020
الإعلام “كلمة”

يبدو أن الإنتاج الذي لا يحتاج إلى رأسمال ،والمنجز الذي “يمزلط” ولا يخضع للتقييم..هو “اجترار الكلام” وتشكيل اللجان و”معط المسميات”.
أكثر عبارة أكرهها “خلينا نقعد ونسولف”..أو “فلان حاب يشوفك ويقعد معك”..”وتعال نحكي”..هل لدينا ترف الوقت لمزيد من الحكي النظري؟؟ منذ نصف قرن ونحن نتكلم ونشخّص، ألم يحن موعد جرعة الدواء بعد؟..باختصار نحن أكثر دولة تمارس إضاعة وقتها – مع سبق الإصرار- في الكلام والتنظير وصف الكلمات وإرسال توصيات ومخرجات والحال كل يوم يسوء عن الذي قبله..
**
من وحي الجو السابق انبثقت “لجنة لتطوير الإعلام الرسمي”..واللجنة انشطرت الى لجان ،واللجان تشابكت بالأسماء ،والأسماء تكررت بأكثر من لجنة..والقصة لا تحتاج إلى كل هذا التعقيد وهذه العجقة ، القصة تحتاج إلى كلمة واحدة “حرية”..عندما يعطي الإعلام الرسمي الحرية ، يتطوّر تلقائياً..أجهزة الدولة المختلفة أمنية وغير أمنية هي من تنمّر على الإعلام الرسمي، فأبعد وأقصى الكتاب والصحفيين المهنيين الذين كانوا يقاتلون ليبقى “إعلام دولة” ويقاتلون لبقاء وقوة الدولة الأردنية والا يتحوّل إلى سلاح الإعلام الى إعلام حكومات وإعلام تنفيعات.. فغيّبهم عن الساحة المتكسّبون وانتهازيو الفرص، وأبقوا على من يخفضون جناح الذل للحكومات ويقومون بدور الكومبارس في المسلسلات التاريخية يحني رأسه “أمر مولاي” وينصرف ،وأحد لا يعرف اسمه او يحفظ شكله..
بعد أن تم تدمير الإعلام الرسمي بشكل ممنهج ، ومسخه من إعلام وطني حقيقي إلى إعلام حكومات وأشخاص “إعلام مسؤولين” تذكّرتكم الآن كيف تطوروا الإعلام الرسمي؟ ..عندما تحوّل سقف كتاب الأعمدة في الصحف اليومية إلى مادحين مصفقين مزمّرين للحكومات وللسياسة الرسمية او إذا أرادوا أن يشربوا حليب السباع يكتبون عن “المطبات” وعن خطر الكلاب الضالة في الأحياء وأحياناً عن فوائد استخدام اللولب والمباعدة بين الأحمال كي لا يتطرقوا للشأن الداخلي وحتى لا يغضبوا أحداً ..والذي يكتب وينتقد السياسة الداخلية او النهج العام يمنع من الكتابة ويوقف عن النشر؟..الذي يشير بإصبعه إلى الفساد يمنع مقاله او يحجب خبره او يرمى تقريره في سلة مهملات رئيس التحرير ..وتسألون كيف نطوّر الإعلام الرسمي؟ هذا سبب تراجع الصحف ،وهذا سبب تراجع مصداقية الإعلام الرسمي بشكل عام ..اذهبوا واسألوا عينات عشوائية من هذا الشعب وشاهدوا كمية الإحباط وانعدام الثقة من قبل المتابعين..اقرأوا وتابعوا كمية التندر على مواقع التواصل الاجتماعي من التلفزيونين الرسميين والصحف الحكومية وبأي النعوت تنعت..اذا أردتم ان تطوروا الإعلام الرسمي..اطلقوا جناحي حريته وامنعوا المؤسسات الأمنية والديوان الملكي ومكتب الرئيس بالتدخل فيما يكتب…والتدخل بتعيين المدراء ورؤساء التحرير وجماعة الصف الأول..أعيدوا الإعلام الرسمي إلى إعلام وطن..لا أعلام زفة عرس ” تصفيق طبلة وزمّيرة”!

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عندما يعرف “المتنفذ” الرسمي والإعلامي الفرق بين الحكومة والدولة عندها يصنع الفرق.. أما أن يمتزج النفاق والجبن مع الجهل فكل شيء جائز..!

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى