الإصلاح الإقتصادي وقانون الضرائب / د .حسين عبيدات

الإصلاح الإقتصادي وقانون الضرائب
كان الحديث حول إعفاء الدول الفقيرة من ديونها عندما سئل أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي فيما إذا كان هذا الإعفاء المقترح سيؤدي إلى تحسين الأوضاع الإقتصادية لتلك الدول وخلق نهضة فيها حيث قال: إن الإعفاء من الديون لن يغير شيئا في الوضع الإقتصادي لتلك الدول. إذا وأين يكمن الحل؟ أجاب: بتخفيض الضرائب.بسبب الضرائب المرتفعة التي تفرضها بعض الدول والتي تصل ضريبة القيمة المضافة فيها إلى 20% (لو عرف أنها في الأردن 24% في القانون القديم وتم رفعه في القانون المقترح) فلن تتمكن تلك الدول من بناء احتياط نقدي يمكنها من بناء الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس وتوفير الخدمات ولن يجعلها بيئة استثمارية جاذبة للشركات الأجنبية على الإطلاق. ” الضرائب تقتل جميع فرص النمو الإقتصادي وتقتل الأمل في الإعتماد على النفس. الضرائب المرتفعة ستترك تلك الدول تستجدي المساعدات والقروض وترزح تحت رحمة مانحيها. هم يرفعون الضرائب بحجة سداد الديون ولكن الديون لا تسدد بتدمير الإقتصاد وجعل الدولة تعيش حالة مغلقة من الركود الإقتصادي البشع وجعل الناس يعيشون فقرا دائم وبطالة عامة وتردي اوضاع صحية وتعليمية ومعيشية لا تحتمل وهذا ما تفعله زيادة الضرائب”
أليس هذا هو حالنا بالضبط؟ كل يوم ضرائب جديدة وارتفاعات في الأسعار بحجة سداد الديون حتى هلك الإقتصاد وهلك المواطن وبقينا في قعر الزجاجة وليس في عنقها كما تدعي الحكومات المتعاقبة، وسنبقى كذلك مالم تتغير السياسة الإقتصادية للدولة وليس الوجوه.
مهاتير محمد عاد للسلطة بعد أن تركها 14 عاما وعليها مليارات الدولارات من الديون نتيجة الاقتراض الداخلي وليس من البنك الدولي سببها الفساد. وفور تسلمه السلطة ألغى ضريبة المبيعات التي فرضها نجيب وأحال نجيب والطاقم الفاسد للمحكمة وصادر أموالا مسروقة بمليارات الدولارات. مهاتير الذي وضع ماليزيا في مصاف الدول المتقدمة يدرك إن الإصلاح يبدأ بتقليص الضرائب والفوائد لتحريك عجلة الاقتصاد وتوفير السيولة الأمر الذي يترتب عليه فرص عمل جديدة وزيادة في الانتاج ونمو ورخاء يلمسه المواطن على كل المستويات. إضافة إلى ذلك قام بإيقاف المشروعات التي تكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة فأوقف مشروع القطار السريع بين ماليزيا وسنغافورة والذي يكلف مليارات الدولارات وتكفل أن يعيد ماليزيا الى مسارها الصحيح دولة من الدول المتقدمة التي تنعم بالرخاء في غضون سنتين قبل أن يسلم السلطة لأنور إبراهيم.
إذا مسار التصحيح الاقتصادي النهضوي يبدأ أولا بتخفيض الضرائب ومنع التهرب الضريبي وملاحقة المتهربين ضريبيا كائنا من يكونون. ثانيا فتح ملفات الفساد وملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم واسترداد ما نهبوه من ثروات الوطن. ثالثا: ليس هناك تمييز في دفع الضرائب بين مواطن ومواطن والمناصب العليا لا تتجاوز حقوق المواطنة. فرؤساء الحكومات والوزراء والاعيان والنواب والأمناء والمدراء يجب أن يدفعوا ما يترتب عليهم من ضرائب قبل غيرهم ما داموا يحملون ارقاما وطنية فكل الناس سواسية عندما يتعلق الامر بحقوق المواطنة. ومشروع القانون الذي قدمته حكومة الملقي حاول أن يمنح صفة قانونية للتهرب الضريبي بإعفاء فئات كالتي ذكرت من الضريبة على حساب الفئات الأخرى. الدولة ترزح تحت وطأة المديونية ولا تستطيع سداد فوائدها فلماذا تسعى خلف مشاريع تتكلف المليارات لا طائل منها وليس أوانها مثل المفاعلات النووية التي ستحمل الدولة مليارات الدولارات. رابعا: المؤسسات الخاصة والعقود الخاصة والتي تستنزف أموال الموازنة وليس لوجودها ما يبرره، لماذا هيئة تنشيط السياحة ووزارة السياحة وهيئة الطاقة ووزارة الطاقة وهيئة النقل ووزارة النقل والمجلس الطبي ووزارة الصحة ووووووووو. هذه مؤسسات يجب أن تدمج في الوزارات ولا يبقى لها وجود كما يجب تقليص عدد الوزارات وبشكل كبير. ثم إن عجلة النواب والأعيان والوزراء لا تتوقف فلماذا تدفع لهم رواتب تقاعدية بعد انتهاء مدتهم. في كل دول العالم تصرف لهؤلاء مكافآت على شكل رواتب ثم تتوقف فور خروجهم من مواقعهم ومن يقبل أو يترشح لهذه المواقع عليه أن يقبل بذلك قبل أن يقدم عليه . ومجالات الإصلاح التي يمكن أن توفر على الدولة مئات الملايين وربما المليارات كثيرة ومتعددة إذا كان هناك نية حقيقية للإصلاح، لا أن يكون الإصلاح عبر جيوب المواطن المسحوق الذي استنزفته الضرائب التي لا حصر لها والذي يئن تحت وطأة الفقر والبطالة وضنك العيش، لأن الأمر إن بقي كذلك فسيذهب بالاردن نحو المجهول لا قدر الله.
نحن نستبشر وكثير من الاردنيين خيرا برئيس الوزراء الجديد ونتمنى أن يتبى سياسة إقتصادية تنهض بالوطن بعيدا عن جيوب المواطن وأن يلغي قانون الضريبة الجديد ويعمد إلى تفعيل القانون القائم. نحن لسنا بحاجة إلى قانون ضريبة جديد، نحن نحتاج إلى تفعيل القانون المعمول به حاليا. والاهم من ذلك أننا بحاجة إلى سياسة إصلاح إقتصادي حقيقية تبدأ بإعادة هيكلة الدولة الأردنية ، فالتطلعات والآمال كبيرة والشارع يترقب ويأمل خيرا. حمى الله الاردن من كل مكروه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى