ما قيمة وجودكم ؟

ما قيمة وجودكم ؟
جروان المعاني

ايهما اصعب ان نقول (لم يجدوا من يستلم الجثمان) ام (لم يجدوا ثمن الكفن والدفن) مريرة جدا هذه الكلمات، والامر منها شيوعهما، ويكاد الناس ان يعيشوا احدى الحالتين .
ندرك حالة الفوضى والتعب الذي تعيشه البلد والتي تحملُنا الى المجهول، ولا احد يحرك ساكناً لإنقاذ ما يمكن انقاذه، الامر الذي دفع بكثير من الناس الى الانزواء لوضوح الرؤية لديهم بأنه بات من الصعب فعل شيء، خاصة بعد ان عرفنا (من هلك، فلسيف الدولة ما ملك) وكانت هذه العبارة سرا من اسرار كره اهل الشام لسيف الدولة ثم انهاء دولته .
قبل يومين، اثناء رحلة العودة من عمان الى الزرقاء وفجأة على (مثلث عوجان) داهمني الغاز المسيل للدموع ولولا لطف الله لحدثت كارثة ولقمت بدهس ثلاثة من الشباب قفلت راجعا والرعب يملأ قلبي، ما الذي يحدث؟ وحين صحوت من هول الموقف ذهب مني العجب ولن اخوض في الاسباب فكل مطلع يعرفها.
في نفس اليوم ولكن صباحا اتجهت من الزرقاء الى عمان عن طريق ياجوز اخذت الطريق ساعتين الا ثلث كي اصل لدوار خلدا، في حين انها يجب الا تأخذ اكثر من نصف ساعه واكثر ما يؤلم ان هذا الامر سيستمر لأشهر طويلة وفي كل يوم تزداد الطرقات طولا ويزداد الازدحام الممل والمكلف.!
منذ مدة ارسلت لي سيدة اوراقها وهي تحمل الدبلوم تريد مساعدتها لتعمل عاملة وطن لتعيل اسرتها، احوال لا تسر صديقا ضيق من كل الجوانب، متسولون بالعشرات حيث بيع النعناع من امرأة عجوز او الورد من صبية لم يتفتح زهرها بعد، وفي كل مرة تمنيت لو استطيع شراء كل ما بين ايديهن، وهنا تقفز لذاكرتي تلك الاغنية الحزينة ( لكن عسر الحال فقر الحال ضعف الحال مأساتي،… امشي واضحك يا ليلى مكابرة علي اخبي عن الناس احتضاراتي، لا الناس تعرف ما امري فتعذرني، ولا سبيل لديهم في مواساتي) هكذا ابدع المرواني في تصوير المأساة فغناها كاظم الساهر ليوجعنا اكثر.
يا دولة عمر الرزاز يا كل القائمين على البلد، باي لغة تريدون ان نتحدث اليكم، أي لهجة هي الاقرب كي تفهموا انكم ترسمون خارطة طريق، ما بقي بين يدي الناس وسيلة أو حيلة، ووالله ان لم تتداركوا الاحوال ليصيبنا ما اصاب غيرنا، ولن تجدوا بيننا من يقرأ عليكم السلام، وقد بلغ السيل الزبى، حرقة حقيقية يعيشها المواطن من الغلاء الفاحش ويلمسها التجار، وانتم واقفون عاجزون عن فعل شيء، فما قيمة وجودكم اذن .
نعلم ان الضغط على الدولة من كل اتجاه، وان السر يسكن في القدس والبيت الابيض والرياض، ونعلم تمام العلم ان من تكرشوا ناهبين مال الشعب لن تستطيع ان نفعل معهم شيئا، ولكن هذا ليس ذنب الناس، فلا تطمئنوا لخوف الناس على البلد، اذهبوا للبحث عن الحل السياسي ليحدث الانفراج الاقتصادي، لا تصدقوا من يقول ان الناس سيصبرون اكثر من اجل الثوابت، ففكروا بوحدة ثلاثية اندماجية تشمل الاردن وبقايا فلسطين مع (اسرائيل) او اخرجوا لنا نفطا يساعدنا على الصمود لتبقوا متنعمين في مناصبكم، او انتظروا الخراب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى