Deprecated: Hook custom_css_loaded is deprecated since version jetpack-13.5! Use WordPress Custom CSS instead. Jetpack no longer supports Custom CSS. Read the WordPress.org documentation to learn how to apply custom styles to your site: https://wordpress.org/documentation/article/styles-overview/#applying-custom-css in /home/site/public_html/wp-includes/functions.php on line 6078
ما صبأت ولكني آمنت / جروان المعاني - سواليف

ما صبأت ولكني آمنت / جروان المعاني

ما صبأت ولكني آمنت

لعل أبشع ما حدث لي طوال ما مضى من عمر، هو اقتناعي بأننا مضطرون إلى التعلم من التاريخ، فقد درست النكبة وعرفت الكثير عن النكسة، وها أنا اليوم أعيش هامشية الأمة العربية، وعودتها لأصلها القبلي العشائري، والعودة لعبادة الأصنام بعد أن ارتد فيها العلماء إلى الحضيض وتحول حكامها أكباشاً يتم تقديمهم على التوالي لمناصب الذبح ويتم طرد الشعوب ونقلهم كما الخراف .
وبتقزيم الحالة التاريخية وبعيدا عن المواربة وفلسفة الكلام، ومع الإيمان المطلق بوجود الخالق، ورسالات السماء ومسؤولية الحكام عن تجيير العلماء لخلق حالة من سوء الفهم للأديان وبالتالي انقلاب المثقف العربي على نفسه بحجة خوفه على لقمة عيشه وأطفاله، لأجل كل ذلك مطلوب منا نحن العرب ان نتوقف عن الكذب واعتبار أنفسنا أوصياء على الحضارات وان نعيش حالة الصراع بوعي تاريخي حتى لا يكون مصيرنا الفناء.!
قبل أن تولد الحدود في مطلع القرن ويُعين علينا حكاما، كنا ننتقل وأغنامنا بمطلق الحرية، وكان اكبر همنا الماء والثأر ونكتفي بما تقدمه الأرض من تين وزيتون، كُنا شبه عُراه، ولكن نمتلك ماء وجوهنا، حتى شيخ القبيلة ما كان يجرؤ على إهانة احد فقد كانت كرامة الراعي توازي كرامة أي رجل في القبيلة على تفاوت المقامات.!
وبتقزيمٍ اكبر كُنا نحن سكان ضفتي نهر الأردن ننتقل بين بحر حيفا وحتى صحراء معان بمطلق الحرية، وإذا ما شاء احدنا التوجه لبيروت او دمشق ما كان يوقفه شيء، ولا يحتاج لحمل شيء سوى قليل من الماء لقطع الصحراء، كانت كرامتنا تصونها عاداتنا، حتى العسكر التركي ما كان يعترض طريقنا إلا حين دخل الفرنسيون والانجليز للمنطقة .
واليوم بعد ان مضى من عمر التاريخ 120 عاما، حيث عقد هرتزل مؤتمر الصهيونية الأول (1897) في سويسرا، ونجاحه وورثته في تدمير العراق انتقاما لكذبة السبي البابلي، وعودته لإحياء مكة ومطالبته بحصته من أملاك خيبر واعتذارنا عما فعلناه ببني قريضة، ثم نجاحه في جعل اليهود هم شعب الله المختار، بعد كل هذا الاحتلال للأرض، والنهب للنفط، صار لزاما على الحكام ان يمارسوا كل أشكال ألاهانة لشعوبهم وتركيعهم ليعبدوا إسرائيل من خلال عبادتهم.
في عيدنا المائة والعشرون حيث التأريخ يبدأ مع هرتزل، والموسوم بالأضحيات علينا ان نقبل خانعين بأن نضحي بعرب الاحواز، وان ننسى شنق الرئيس صدام حسين، وان نخنع لرفع الأسعار لنستمر كالمسعور نلهث خلف رغيف الخبز وأن نؤمن بأن هاني الملقي احد القادة الذين سيسجل التاريخ انجازاته ومن سبقه في إذلال الإنسان الأردني كجزء من أمة فقدت كرامتها أمام رغيف الخبز، ومن ثمة القبول بكتاب هرتزل (دولة اليهود) كأحد مقررات التعليم في دنيا العرب، الذي وعد فيه بتحقيق حلمهم في الدولة قائلا (ربما يتحقق ذلك بعد خمس سنوات، ولكنه سيتحقق بالتأكيد خلال خمسين سنة) .
في العيد أنا ما صبوت ولكني آمنت بأن التاريخ أكذب ما فينا، وبأن المعرفة المبنية على كتب السماء تبقى معرفة عقيمة ما لم نؤمن بمُنزلها وانه خلقنا في الأصل احراراً لنا كرامتنا، حتى جاء هرتزل وصنع هو ومن والاه صنيعته حتى عدنا لجاهليتنا الأولى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى