لا نمو ولا تنمية / سلامة الدرعاوي

لا نمو ولا تنمية
كل الانتقادات التي وجهت للسياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومات السابقة تركزت أساسا في أنها عملت على تحقيق نمو اقتصادي في ظل غياب حقيقي ومستدام للتنمية، وهذا ما جعل قطاعات كثيرة من المجتمع لا تشعر بأن الاقتصاد حقق نموا وصل في بعض الاحيان 7 بالمائة، لأنه تركز في قطاعات محدودة استطاعت أن ترفع وتيرة النمو، في حين بقيت الأوضاع المعيشية والتنموية على حالها لدى معظم القطاعات.
أما في هذه الحكومة فللأسف لا نمو ولا تنمية تحققتا في السنوات الاربع الماضية، فالنمو الاقتصادي في ادنى مستوياته منذ اكثر من 15 عاما تقريبا، وهو لا يتجاوز الان 2.5 بالمائة، اما عمليات التنمية فهي شبه غائبة عن الاداء الحكومي بسبب ضعف الامكانات وغياب الخطط الفاعلة.
الحكومة ركزت على المعالجات الانية للقضايا المالية لا أكثر، فهي ترى ان عجز الموازنة لا يمكن سداده الا من خلال زيادة الايرادات الضريبية ورفع الدعم والاعتماد المتزايد على المنح والمساعدات الخارجية.
قد تكون هذه المنهجية صحيحة على المدى القصير، لكن على المديين المتوسط والبعيد لايمكن لها ان تنجح على الاطلاق، لأن الاقتصاد ستترتب عليه اعباء كبيرة في ظل سياسات انكماشية تؤدي في النهاية الى اضمحلال عمليات الاستهلاك المحلي وتضاؤل التدفقات الاستثمارية التي ستعاني من كم كبير من الرسوم والضرائب.
هذا فعلا ما حدث مع حكومة النسور في إدارتها للاقتصاد الوطني، فبعد أن رفعت الدعم عن المحروقات ورفعت التعرفة الكهربائية في بداية توليها لمهامها في الدوار الرابع، لم تستغل الاجواء الاقتصادية التي شهدتها بعد ذلك، والمتمثلة أساسا في توالي انهيار اسعار النفط العالمية وتراجع معدلات الاسعار للسلع والخدمات في الاسواق الدولية، وحصولها وبشكل غير مسبوق على مساعدات مباشرة لتمويل نفقاتها الراسمالية التي عادة ما كانت تمول من القروض، فالمنحة الخيلجية أودعت في حساب خاص لدى المركزي قبل أن تضع الحكومة قائمة مشاريعها في الموازنة، ومع ذلك لم تستفد من هذه الميزة الفريدة في الحد من عمليات الاقتراض من جهة، ولا من حيث توظيفها بالشكل السليم المولّد لنمو حقيقي وكبير ، بل على العكس تماما، واصلت الحكومة هلعها نحو الاقتراض الخارجي والداخلي حتى اقتربت المديونية من حاجز ال90 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، في حين واصل النمو الاقتصادي تباطؤه غير المنطقي ولم يتجاوز ال2.5 بالمائة.
حكومة النسور التي امضت حوالي اربع سنوات على مهامها ستدخل التاريخ ليس من باب انها الاطول عمرا في تاريخ المملكة الحديث، بل ستدخل التاريخ بكونها الحكومة الاكثر فشلا في ادارة الاقتصاد الوطني في ظل توفر فرص لها لن تأتي لغيرها ابدا.
salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى