حجر وزير العمل أولوية

حجر وزير العمل أولوية
سلامة الدرعاوي

من يستمع لوزير العمل وهو يتحدث، لقناة المملكة، عن الإجراءات والخطط لتوزيع الخبز والمواد المختلفة على المواطنين يعتقد للوهلة الأولى أن العمليّة مرسومة بشكل متقن ومحسوم كُلّ صغيرة وكبيرة فيها، لكن من يرى على أرض الواقع يشاهد بأم عينه الدمار الذي أحدثه هذه الآليّة التي وزعت الكورونا بجانب توزيعها لرغيف الخبز.

وزير العمل، وهو رئيس فريق التزويد الحكوميّ، يتحمّل مسؤولية الفشل الكبير في ما حدث من مشاهد مؤلمة حدثت في الشّارع الأردنيّ نتيجة تهافت المواطنين على الخبز، مما ضرب بعرض الحائط كُلّ جهود الحكومة ومختلف الجهات الرسميّة الخاصة باحتواء فيروس كورونا.

كل ما قامت به الحكومة من إجراءات كبيرة وعلى رأسها حظر التجوّل، والذي هو أمر ضروري وحاسم لاحتواء الوباء، تم نسفه بخطط من وزير العمل تحديداً وبعض الوزراء الذين ثبت عمليّاً عدم فهمهم للتوجيهات الملكيّة بأن المواطن أغلى ما نملك والأوليّة للمحافظة على صحته بغض النظر عن الثمن لذلك.

ما شهدناه من تزاحم المواطنين على محلات الخبز أعاد المملكة لنقطة الصفر في جهودها لمكافحة فيروس كورونا، وستكون الأيام القليلة المقبلة مليئة بالمفاجآت المؤلمة.

البعض يحمل المواطنين مسؤولية ما حدث وأن التجمهر من قبلهم هو السبب الرئيسيّ وراء فشل حملة توزيع الخبز بالحافلات، خاصة في مناطق عمان الشرقيّة وبعض المحافظات، والحقيقة التي يبدو أن وزير العمل لا يعلمها أو يتجاهلها هو أن نصف القوى العاملة في المملكة هم عمال مياومات ومشتغلين في مهن حرة وحرف مختلفة وسائقين يعتاشون يوماً بيوم على ما يتحصلون من دخل يوميّ لا يكفيهم في أحسن حالته يومين إذا ما انقطعوا عن الأعمال، وبالتالي هلعهم على الخبز أمر طبيعيّ لشعورهم بالخوف على أبنائهم من الجوع القاتل، فالكثير من العائلات الأردنيّة لا تمتلك قوت يومها وتعتاش يوماً بيوم، والازدحام هو للحصول على أكثر كمية من الخبز لتكفيها للأيام المقبلة وأن كان مجاناً سيكون أفضل، والازدحام سيكون أكثر، وهذا أمر منطقي بنفسية المواطن الذي لا يثق بالخطابات والخطط الحكوميّة، وهو شاهد على سلوكيات الحكومة في هذا الأمر خاصة ليلة الجمعة، الأخيرة وقت إعلان حظر التجوال، فالكارثة تكررت مع توزيع الخبز بشكل مفجع.

من يسمع تصريحات وزير العمل وهو يؤكد على ضرورة التزام القطاع الخاص بدفع رواتب العاملين لديه قبل نهاية الشهر يشعر بأن الوزير يعيش في غيبوبة وأنه لا يدرك تداعيات كورونا الاقتصاديّة على القطاع الخاص، وأن جزءاً كبيراً من الأخير مثله عمال المياومة يعمل يوماً بيوم حتى يدفع أجور العاملين لديه، فكيف هو الحال إذا ما توقف تماماً عن العمل، فكيف حينها سيدفع أجور العاملين أو مستحقات الضمان أو الضريبة أو حتى فاتورة الكهرباء؟.

وزير العمل بتصريحاته الأخيرة بشأن رواتب العاملين في القطاع الخاص شعبويّة لا أكثر، وللأسف لا مجال للشعبويات في هذا الظرف الصعب، يكفينا ما أشبعنا به من بيانات إعلاميّة حول التشغيل الذي مل الأردنيون من سماعه يوميا بأن الوزارة قامت بتشغيل 4000 شخص هنا، و5000 وظيفة تم توفيرها هناك، و7000 وظيفة في مكان ما والمحصلة ارتفاع معدلات البطالة بشكل جنوني، مما يوكد أيضا فشل برامج التشغيل في وزارة العمل، وأن الكثير من أعمالها في التوظيف حبر على ورق.

اخيراً، ليس لدينا ترف الوقت للتجريب في إدارة مثل هكذا أزمات التي تحتاج إلى مختصين أصحاب تجارب وليس لهواة، لذلك فإن من المنطق وفي إطار المراجعة اليوميّة لسلوكيات الوزراء في الأزمة الراهنة، وضمن تصويب الإجراءات ومعالجة الأخطاء أن يقوم رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بترتيب إجراءات التصديّ لفيروس كورونا بالحجر على بعض الوزراء الذين تسببوا بكارثة صحيّة من إجراءاتهم وخططهم وعلى رأسهم وزير العمل مع كُلّ أسف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى