صحافة التضليل !! / د . ماجد الزبيدي

صحافة التضليل !!
د.ماجد توهان الزبيدي
قسم الصحافة-جامعة فيلادلفيا

يتفق كل من يكتب في دور الصحافة في المجتمع شرقا وغربا ان الصحافة سلاح ذو حدين:حد الإرشاد والتربية والتنوير والإمتاع والرقي،وحد التضليل والإفساد والتملق !!
ولأ الدور الأول للصحافة فيه نتاج فكري طويل وعريض فإن الدور الثاني من خلال التجارب العملية أمر جدير الإطلاع عليه من قبل طلبة الصحافة والمهتمين!

فالسلطنة العثمانية لما إنسلخ عنها رعيتها بسبب الظلم والفساد والضعف والفقر الذي تلبس السواد من رعاياها العرب وغير العرب ،بسبب ظلمها وفسادها وضعفها وهوانها أمام الغرب ،لجأت إلى الصحافة المأجورة لتلميع صورتها ،من خلال إستمالة الصحافي العربي اللبناني “إسكندر شلهوب”وسمحت له كاول عربي ان يثصدر في العاصمة أسطنبول عام 1857م أول صحيفة عربية بإسمه اسماها “السلطنة”! ثم نقلها للقاهرة،بهدف تمجيد السلطنة وسلطانها ومواقفها امام الراي العام العربي ،وتشويه سمعة خديوي مصر –آنذاك – سعيد باشا ،وأسرة محمد علي باشا،بين المصريين ،إلأ أن إهمال الشعب المصري لصحيفة شلهوب أفندي!جعلها تموت بعد عام من إصدارها!

وفي عهد الإستعمار البريطاني لفلسطين (1917 1948م)تنبه الإنجليز لدور الصحافة في توجيه الرأي العام بين الفلسطينيين المتعلمين في ضوء توحد الموقف الشعبي ضد الغزاة الجدد والمستوطنين اليهود الذين يفدون ويحتلون الأرض تحت حماية حكومة الإنتداب والمدوب السامي!!

فقد إستحضر المندوب السامي اليهودي الإنجليزي “هربرت صموئيل” صحافيا لبنانيا معروفا يدعى “سليم النجار “الذي أصدر في القدس صحيفة بإسم “لسان العرب”جعلها بوقا ل”لجنة التعاون العربي”مع الإنجليز التي تالفت من شخصيات موالية لحكومة صموئيل ، يؤثرون مصالحهم الشخصية في ضوء وقوف زعيم فلسطين الحاج محمد امين الحسيني واركان الحركة الوطنية من مسلمين ومسيحيين ضد التقارب مع الإنجليز ومخططاتهم في فلسطين!
وكم قاطع العرب المصريون “السلطنة”قاطع أشقائهم الفلسطينيون “لسان العرب “وأطلقوا عليها لقب :”لسان العقرب”!!،فتوقفت وماتت!

وتجدر الإشارة إلى أن “لسان العرب”هذه ،هي غير “لسان العرب”التي أصدرها في الإسكندرية الشيخ نجيب حداد ،الذي يعد اول عربي إستخدم مصطلح” الصحافة” في لغة الضاد،وهو حفيد الشيخ ناصيف اليازجي أحد أعلام اللغة والبيان ،والد الشيخ إبراهيم اليازجي صاحب مجلة :البيان”عام 1894م في القاهرة ،ثم مجلة “الضياء”التي بقيت تصدر حتى العام 1906م!!

وعندما إحتلت العصابات اليهودية معظم فلسطين عام 1948م ،بمعاونة الإستعمار البريطاني،أصدرت حكومة الصهاينة عام 1948م جريدة باللغة العربية في تل ابيب اسمتها “اليوم”للتأثير على الرأي العام للعرب الذين لم يخرجوا من مدنهم وقراهم ،لكنها توقفت في أيار /مايو عام 1968م ،ليصدر بدلا منها بتاريخ 24 تشرين /اكتوبر عام 1968م بمدينة القدس المحتلة جريدة “الأنباء”بالعربية ،رئس تحريرها وحررها يهود عرب من مصر والعراق ،وشارك في تحريرها عدد من الصحافيين الذين إرتبطوا مع المحتل الجديد للقدس ،من المروجين لسياسته إنسجاما مع مصالحهم .
وقد لعبت “الأنباء”دورا خطيرا على صعيد التشكيك في الأمة العربية وتشويه الحقائق وترويج الأكاذيب والتستر بغطاء التعايش الزائف بين العرب والصهاينة ،ودعت على بلورة قيادة محلية من رجالات الضفة الغربية المحتلة كهيئة تمثيلية ناطقة بإسم الفلسطينيين تقبل بالرؤية الصهيونية للحل،كما يثبت ذلك الصافي المقدسي علي الخطيب مؤسس ورئيس تحرير صحيفة “الشعب “المقدسية!لكن مقاطعة أهل القدس واكنافها، ل “الأنباء”جعل مصيرها الموت ،مما حدا برئيس تحريرها ان يرثيها بكلمة أخيرة ورد في نهايتها الجملة التالية:”تيتي تيتي مثل مارحتي جيتي”!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى