“سكاي لايب” و “قرية الطناجر”!!! / د . ماجد الزبيدي

“سكاي لايب” و “قرية الطناجر”!!!
أنهى الكاتب دراسته الجامعية الأولى في خريف عام 1981م وعاد للديرة،ليفاجأ ان معظم اقاربه وجيرانهم قد تلبّسهم الخوف والرعب الشديدين منحديث يجري بينهم على مدار اللحظة مُلخصّهُ أن المركبة الفضائية “سكاي لايب” ستتحطّم فوق بيوتهم ورؤوسهم بعد ان أشاعت انباء ان المركبة ستسقط فوف منطقة في الأردن!!
عبثا حاول الكاتب ان بُقنع أقاربه ومن لف لفّهم ان مايتداولونهبرعب،ليس له وجود أبدا في الحقيقة!!وان المركبة لو سقطت ،ستسقط رمادا، يتناثر بين طبقات الجو،ولن يصل منها اي شيء!!لكن عمتي أم علي بقيت ترتعش وأسنانها تصطّكُ،كأنّها سائرة نحو مقصلة!!
وكانت أم علي قد أولمت على شرفي وليمة مؤلّفة من طنجرة ملوخية وطنجرة رز وصينية دجاج مقلي على البريمس ،بعد أن أقسمت امام من دعتهم بمعيتي أنّها “فرمت الملوخيات على يديها بالخوصة”.
وقد حضر الوليمة إلى جانب الكاتب :الحانوتي خميس ابو حسن ،والحلّاق موسى القصّاص (زميلي في الدراسة الإعدادية) وسائق خط إربد عمان جمعة اللافي ،ومعلم التربية الفنية سعود العثمان (خرّيج معهد حوّارة)، ومُتعهد “شغالّات العكوب/الكعّوب”سالم الوافي ،ورهط من النسوة من عشيرتي ،قدموا لغايات في بطونهم وللجلوس مع قريبهم العائد بالبكالوريوس ليستمعوا منّه عن حل لهمّهم الوحيد :كيف النجاة من خطر المركبة “سكاي لايب”؟
كان الكاتب يتوقع من بني قومه المُحلقين من حوله في بيت عمته أم علي ،أن يسألوه عن قصف طيران العدو الصهيوني للفاعل النووي العراقي أوخر تموز/يوليو الماضي،او،أبعاد الحرب العراقية افيرانية المؤسفة التي حصدت ارواح الالاف حتى ذلك الإجتماع ،او،ابعاد قرار البرلمان الصهيوني ضم وتهويد القدس والجولان؟!لكن ذلك لم يحصل أبدا ،وكل ماحصل هو إرتجاف الجميع من الخطر الماحق القادم !!
وبينما نحن نتسامر بعد العشاء اللذيذ من يد عمتي المعروفة بحسن إتقانها للطبخات الجبّارة ،وصلت إبنة خالتي “خولة” من إحدى قرى الغور الصامد على خط الكوسا والبيتنجان(الباذنجان) ودبكة “حبل موّدع” ،ناقلة “نشفان”دم خالتي وجاراتها وكبار السن من الرجال هناك من خطر “سكاي لايب”!! وأخبرتنا كيف أن العجوز أم نايف زوجة المختار “ابو جفت”، أقنعت معظم نساء القرية بضرورة تمضية معظم الوقت في الجلوس والنوم تحت سلالم البيت الداخلية وإرتداء طنجرة فوق الرأس ،إلى درجة ان قرية خالتي صار إسمها الثاني :”قرية الطناجر”!!
ماعلينا! “إنشقّت شدوقي” (إنخلع فكاي)وأنا اقسم الإيمان الغليظة ان المركبة لن تسقط فوق الأردن أبدا !وانّها لو سقطت ستسقط فوق جبال عارية !!لكن ذلك لم ينفع! بعد ان تبيّن للكاتب ،الخلل المتمثل في عدم إقتراب أقاربي ،أو، لمس وسائل التواصل الإجتماعي،كالصحافة الورقية والإذاعات المسموعة ،وأن كل جلساتهم من حول التلفزيون الأبيض والأسود،كان لفترات محدودة ،وفي جلسات عائلية مُكتظة لعدم وجود أجهزة تلفاز في كل بيت ،فضلا عن أن سهرات معظم الناس تدور حول مسلسل “فارس ونجود “من بطولة المرحومين محمود سعيد وسميرة توفيق ،وأن أحلى لقطات المسلسل كانت لمّا تغمز البدوية اللبنانية بطرف عينيها !ّثم مسلسلات عصابة غوّار الطوشة:حسني البرزان وياسينو وابو عنتر وابو رياح وفائقة الأنوثة والصوت الملائكي :”بنت حيص بيص” والمطرب العالمي ذياب مشهور ،،إلى درجة ان زوج خالتي المختار ابو نبّوت” ظل يُردّدُ ، وهو على فراش الموت وقبل أن تخرج أنفاسه النهائية ليلة 31/12/2016م،:”يابو ردّين يابوردانه ..ويش قلنالك ياداده زعلانه”!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى