الشيخ والوليمة: 4 / د ماجد الزبيدي

الشيخ والوليمة : 4

الجنّي برقوق يخرج من جسد عاطف ،وابو شاتي يتحول لحمولة “الغجر”ويشتري قردا وربابة!
لم يخرج الجنّي “برقوق” من جسد “المستشيخ”على حمولتنا المُعتقل حاليا عاطف!على الرغم من الجهود المُضنيّة التي بذلها الحجّاب ابو صالح!فها هو إرتمى على البلاط من شدة صراخه على الجنّي “برقوق”،وإرتخى ساعده الأيمن من شدة ضربه بالسوط ،لإرهابه،لكنه لم يفلح للآن ،وبات مُستلقيا على قفاه ،فاغرا فمه ،شاردا بعينيه ،رأسه مُتدليا للأيسر!
على الصعيد نفسه ،خرّ واقعا على البلاط ،أخونا ابو شاتي ،قبل تعب ابو صالح ،وراح في إغماءة ،أرعبتني،وزادإرتعابيوإرتعاشي لمّا، خرّ ،هو الآخر الشيخ الذي تعبنا إلى أن اوصلناه لفندق ابو اللولو :الشيخ ابوصالح ،بينما كان المستشيخ علينا جالسا كالقرفصاء(شو معناها؟)،قد تلبسّه كيس/شوال ،كانه من ذبائح عصابة”داعسوالغبراء”،ولم يبق في الغرفة من رجل شبه صاح او شبه صامد سوى الكاتب المُعرض للسقوط والإغماءة في أي لحظة!يالطيف !يالطيف!
كان شيخنا الموعود “عاطف”يرتجفبإستمرار ،ويلهث كانه في سباق الألف كيلو متر!ومايزال الماء ينسحب من تحته!هل ماسورة المية تحت البلاط تفجرت؟ام أنها إرتخت،فتنفست؟!لكن السائل الخارج من تحت عاطف له رائحته السلبية!!
وبينما نحن على الحالة تلك ،إستنهض الشيخ الحجّاب ابو صالح قواه،وقفز واقفا “كالمارد” ،فجأة،ضاربا بسوطه على جنبات عاطف ،مما جعل ابو شاتي يصحو من إغفاءته ويخرج منه زامورا كأنه زامور سيارة المرحوم ابو قاسم المية وثمانين ،التي كان يضع فيها ثمان ركاب من “معسكر حنفية أل16″إلى المدينة!وبالعكس،بينما في أزمات الأعياد ،كان يضع في صندوقها ثلاثة! عندما كان في ذلك المعسكر سيارتان :سارة 180 وسيارة 190 للمرحوم ابو أيمن أو “أشكول”(لقبه عند بعض الناس ،لكن الكاتب لم يذكر ذلك اللقب طيلة حياته ،وله علاقات وثيقة مع صديقه ابو أيمن)!
أجمع الكاتب قواه ،بصعوبة بالغة،وقال في تلعثم واضح :ياعمييابو صالح :شو القصة؟
رد ابو صالح :ياعميياأستاذ:”القواد “برقوق” “معصلج”(أي يمتنع عن الخروج)!وأضاف: بإذن الله سأخرجه اليوم !إذهب لو سمحت بسيارتك وإشتر لي بخورا ؟!
أشعل ابو صالح البخور في ثلاث مواقد :وضع إثنين عن يمين ويسار شيخنا القابع كالذبيحة ،وواحدا بقي في يد الشيخ الحجّاب يدور فيه من حول الشيخ/الذبيحة،ويردد :”اخرج !ألا لعنة الله عليك ياكافريابرقوق!سأحرقك بالجمر وسوف تندم إن لم تخرج حالا!!أخرج، وإنقلع على أي بلاد أخرى ،ولن اتعرض لك بسوء ،إن خرجت الآن ،وإلا لن تأخذ مهلة أخرى!!هيا ياحقير اخرج”!
بعد ربع ساعة متواصلة تقريبا ،وقع الشيخ ابو صالح أرضا ،فاتحا ذراعية على المدى ،لكنه كان مبتسما ،بل شبه ضاحك!ثمإستند بعد بضعة دقائق قائلا :الحمد لله !لقد هرب العرص “برقوق”،بعد ان خطف موقد البخور الذي كان يساري!وأراد أن يسحرني لولا شدة إيماني!
طار الكاتب وولد خالته ابو شاتي من الفرح ،وسالناالشيخ:أين ذهب العرص “برقوق”؟
رد الشيخ:”مش عارف بالضبط!”أبسّ”(كلمة حورانية دارجة تعني :لكن) يُهيّا لي بحكم الخبرة، أنه ذاهب كي يحل ويتجسد في جسد رجل آخر ،من قرايبكم في “جورة الإنهدام” بدّه يصير “زقم”(وجه/مختار/شيخ)!
لم يتحرك عاطف ولم ينهض ومايزال يرتجف ويواصل فيضان الماء!مايزال جالسا جلسة القرفصاء!والكيس يغطيه !
سألنا الشيخ الحجّاب:” وولدنا عاطف ليشمايصحى(يصحو)؟!
قال الشيخ:” أنتم “أبسّ”طولّوا بالكم شوي!هي الحرمة لما تلد تقف حالا؟!
قلنا:لا!
قال الشيخ : والمدخول فيه جنّي كافر، مثل “هييch”(كذلك؟)!
رفع الشيخ ،غطاء الكيس عن رأس ولدنا المستشيخ عاطف ،فإذا بوجهه مصّفّر مثل لون “الكركم”،وممتقع مثل لون كبدة التيس! عيونه خائرة من دون تركيز ،يمشي “مفاحجة”،وسرواله يقطر ماءا بريحة كريهة !
ساله الشيخ الحجاب:ياشيخ عاطف :بعد الم الولادة الذي تعرضت له ،ماهو شعورك الآن؟
رد عاطف بتثاقل كأنه ولد منغولي ،ألتع،أو ،مثل نطق كثيرين من قرايبنا ::”أت توب به(التوبة) عواااد(عواد)أي أيعوده (لن تعود)..با لا (بلا) سي سيخه(شيخة) با لا (بلا) اكل حاراا (؟؟؟) وا والله غي غي غير اتوب!انا ها ها هسا (اللآن) أف ريخ(إفريخ/فرخ).أتووبأتوووب!!
وهنا ،نادى الشيخ على الشرطي الحارس خارج الباب إفإذا به هو الاخر كان قد اغمي عليه من قبل و”تشلقح”على البلاط!!لأنه شاهد وسمع كل شيء!!وما كان من ابو شاتي سوى حمل دلو ماء وسكبه على الشرطي الذي فاق مذعورا!!وهو يُتمتم :”يمه يمهأنتي وينch”(أين انتي) يمّه يمّه ،ضربني “برقوق”!!
سالت الشيخ ابو صالح:”شو علاقة برقوق بالشرطي؟
رد الشيخ مبتسما:”أني (انا)لمّا طردت برقوق واخرجته ،كان صعبا عليه مفارقة صاحبه ولدكم عاطف ،فخرج مُكرها مذعورا ،فأنتقم من الشرطي أثناء هروبه من فتحة الباب!لكن الحمد لله كانت ضربة بسيطة لأن الشرطي ولد حلال وأمّه عليه راضية!!
وأضاف الحجّاب:”ياخالييابو شاتي ناولني الخمسين ورقة؟ وهيا نروح على مطعم ابو أسامة للمشويات؟عشان (من أجل)ترجعوني لقريتي !!أني قديش صار لي بالمهنة ،هذا الجني العرص الكافر برقوق من أعند الانواع! أو أن السبب هو تياسة ولدكم عاطف بلا مؤاخذة ياخالي ،إنت(انت)وهوا(هو)!
قبل أن نصعد للسيارة من امام فندق ابو اللولو ،وقف ابو شاتي وأدار وجهه للقبلة ،ثم اخذ يقسم :” والله أنا بكره رايح على الأحوال المدنية من اجل تغيير إسم حمولتي من “الوطاويط”إلى حمولة “أرايبينّا”،وساعكف شواربي ،وأحط(أضع)سن ذهب في مفرق أسناني ،وأشتري ربابة!!
سألني الشيخ الحوراني ابو صالح :شو ماله قريبك ابو شاتي؟شو معنى كلامه”!
أفهمت ابو صالح بنيّة ابو شاتي ،وانه رجل إن قال فعل!فردالحجّاب،بعد أت توجّه لبي شاتي :”يابو شاتي لا تنسى تشتري قردا وجحشا مشان يكمل النسب الجديد”!
بدوري لم أعلق على الموضوع ابدا ،ولستُ من انصار ابو شاتي في موقفه الجديد،لكنني من باب الإنصاف والموضوعية ومن وحي ماشاهدته من أسى والم نفسيين تعرض لهما الرجل ،أرى أن ابو شاتي لو خرج من ثوبه “زق” ،فهو غير مُلام! فقد كاد برقوق أن يتلبسّه ،او كادت إغماءته أن تميت قلبه،فيكون من شهداء شيخة عاطف على حمولتا!! ثم أن الكاتب وقد إقتربتقاعده،فقد يكون غتقان ابو شاتي للعزف على الربابة وترقيص قرده الموعود فرصة لتشكيل فرقة فنية مُتنقلة مشتركة بيننا!!في ضوء كثرة وتعقد الأمراض النفسية التي باتت تسيطر على كثيرين من رجالات حمولتنا !! وكما يقولون :إن رزق الهُبل على المجانين!!(إنتهت)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى