الأردن وإعادة اكتشاف العدو / علي السنيد

الأردن وإعادة اكتشاف العدو
… .
ليس اسوء من هذه الظروف التي تمر بها المملكة من ازمة اقتصادية خانقة تؤثر على الامن الوطني الاردني كي يقوم الحليف الامريكي وبالتواطؤ مع العدو الاسرائيلي الذي اتخذناه لعقود صديقا وفي هذا الظرف الحساس تحديدا بإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني وبتجاوز واضح للمصلحة الوطنية الاردنية، وللدور الاردني بصفته الوصي على المقدسات الاسلامية في القدس الشريف، وبما ينهي التفاوض على قضايا الوضع النهائي، وبالشكل الذي يفضح ما تعرض له الاردن من محاولات لاضعافه في هذه المرحلة الحساسة عبر منع المساعدات الخارجية عنه لتوهين موقفه، وقدرته على الممانعة، ووضعه تحت شروط الامر الواقع.

ولا شك ان الصهاينة والامريكان يستغلون حالة التشرذم والانقسام في الاقليم العربي ، وما تبعه من انهيار الدول الرئيسية، والجيوش في المنطقة العربية، وكذلك ضعف النظام العربي، وتهاوي العمل العربي المشترك، وانشغال غالبية الدول العربية بحالة التشظي والانقسام الذي يجتاح شعوبها وذلك بعد مرحلة الربيع العربي، والمؤامرات الخارجية لتسعير الخلاف في العالم الاسلامي على اساس طائفي، ومذهبي.

وهي فرصة ذهبية يقتنصها الصهاينة ، وشريكهم الرئيسي في الاحتلال الجانب الامريكي وذلك للمضي قدما بتحقيق حلمهم التوراتي ، ويتصرفون من طرف واحد ودون الاكتراث بالطرف الاردني ومصالحه، ولا يلتفتون لضرورات الامن الوطني الاردني، ويضربون عرض الحائط بالمصلحة الوطنية الاردنية، وبكافة الاتفاقيات المعقودة مع الاردن، وكذلك بالسلام، وما تبعه من مشاريع اقتصادية مشتركة، وهذا يدعو الى اعادة النظر بمرحلة كاملة اعقبت ما سمي بمعاهدة وادي عربة، واعادة تقييم هذا المشروع السياسي الخطر الذي خالف معايير ديننا الحنيف الداعي الى تحرير المحتل من ارض المسلمين ولو كان مجرد شبر، واستنفر المسلمين الى الجهاد الذي يغدو بهذه الحالة فرضا من فروض الاسلام، وكذلك سلوك الامم والشعوب الحرة التي لم يعرف التاريخ احدا منها اقام سلاما مع محتل ارضه، وانما كانت الامم والشعوب تقاتل حتى تحرير ترابها الوطني، ولمخالفته ايضا لمقتضيات الامن الوطني الاردني حيث جرى على اثره تكبيل الاردن باتفاقيات وشراكة اقتصادية ومحاولات دمج اقتصادية تجعل هذا البلد رهينة وتحت الوصاية الاسرائيلية وخاصة ما جرى مؤخرا من ربطه بالغاز الاسرائيلي، وما خطط له ايضا في مجال المياه بمشروع مشترك مع العدو الصهيوني.

ولا بد من اعادة مراجعة لكافة اوجه العلاقة مع هذا العدو الغادر الذي سيقدم في المستقبل على خطوات اكثر ايلاما للاردن ان لم تصحوا الشوارع والاسلامية ، فالصهاينة يدركون اهمية اللحظة التي اصبحت فيها الامة العربية اشلاء مبعثرة، وتهاوي فيها النظام العربي، وسقط مفهوم الامة العربية وامكانية استغلال ذلك في الوصول الى حقيقة المشروع الصهيوني الذي كان ينتظر الظروف كي يكمل سيره، وهو يدوس في طريقة كافة الاتفاقيات والمعاهدات المعقودة معه ومنها الاردن.

وهذا يعني عمليا سقوط مرحلة السلام وكافة سياسييها، والمروجين لها، ويتطلب اعادة انتاج طبقة الحكم في الاردن لتضم القيادات الوطنية الذين ادركوا مبكرا استحالة المراهنة على العدو وخطورة التسليم له، واقامة علاقات طبيعية معه، وليصار الى بعث روح جديدة في عملية الحكم تفضي الى اعادة اللحمة للداخل الوطني الاردني على اساس تحقيق منعة الاردن، وتصليبه في مواجهة محاولات اضعافه التي اشرف عليها الامريكان بانفسهم، وما منع المساعدات عن الاردن في هذه المرحلة الدقيقة الا مؤامرة لافقاده القدرة على رفض ما يفرض عليه وعلى العرب بالقوة والغطرسة الامريكية. ولاحداث خلل في الموقف الاردني على خلفية سوء ظروف شعبه المعيشية.

ومن المهم استعادة دور الدين وقيمه في بناء الاجيال الاردنية، وما يكتنزه الاسلام من مفردات الجهاد، وحماية الاوطان والذود عن المقدسات، وكذلك الاعلام والتوجيه الوطني. ويجب اعادة خدمة العلم لتهيئة الشباب عسكريا للتعامل مع وجود عدو على مقربة كيلو مترات من المملكة.

ولندرك في الاردن اننا لا نعامل على سوية الحلفاء من قبل الامريكان ، وان الصهاينة لم يغيروا نظرة العداء لنا ولدورنا، وانهم كانوا يتربصون بنا وبامتنا وبمقدساتنا وينتظرون الظروف المواتية للانقضاض علينا. وتدمير دولنا. نستطيع ان نعيد بناء تحالفاتنا في الاطار العالمي على اسس اكثر واقعية وتحقيقا لمصلحة الاردن، والعالم ليس فقط امريكا ومدللتها اسرائيل.

وعلينا ان نستثمر امكاناتنا، وما تقدمه عقيدتنا لنا في مجال مقاومة هذا المشروع الذي يستهدف بالدرجة الاولى بعد الفلسطينيين الاردن في الصميم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى