One Man Show / كمال عفانه

One Man Show
وقفت مدةً طويله امام ذاك الشاب .. حتى تكرّم بالسؤال عن حاجتي … فقلت له مصطنعاً هبلاً يناسب سني كوني قد تخطيت الستين والبس دشداشتي وقد غزا الشيب كل ما تبقّى لدي من شعر … انا يا عمي جاي عند كهربجي سيارات شو بدو يكون طلبي … اكيد مش قطايف … خانني التعبير فكان من المفترض ان اكن اكثر بساطةً وهبلاً … وهذا مما اساء للعلاقه المؤقته بين وبين ذلك الشاب اللذي يعطي معلوماتٍ تكاد تصل الى مستوى الاوامر …
بعد ان عرفت ان جوابي قد اغاظه … ولكني فرحت جدا عندما رأيتُه قد غطس بنصفه العلوي في مقدمة سيارتي بعد ان فتح غطاء محركها وراح يتفقد اسلاكها وانا قد اتخذت مكاني خلف المقود لا أُبارحه وكلي آذان منصته لتلقي اوامر ذلك الشاب واللتي لا تتجاوز كلمتي .. شغّل … ليقل بعدها إطفي ..
اصابعي وحواسي وعيوني وإعصابي كلها كانت بانتظار سماع صوت اوامره …
واخير جاء الصوت الآمر …. شغّل … إلتفّتْ أصابعي بفرحةٍ مطلقه حول المفتاح متمنياً ان تدب الروح في ارجاء ذلك المحرك … و لكن شعلة الحياه لم تسطع الوصول من المفتاح الى المحرك ثم اصدر امراً آخر بعد ان وضع جهاز الفحص البدائي اللذي يحمله في كل الأماكن … خلص خلص
خرجتُ من مكاني و كلي آذانٌ صاغيه لتلقي ما لا يسرُّ البال … قال لي و بين انفاسه نظرة تشفّي بانت من خلال إبتسامةٍ إستترت بين اسنانه اللتي تبدّل لونها بسبب كثرة التدخين وربما قلة العنايه ايضاً …
اسمع يا حجي .. قالها بإستعلاء وفوقيه لا اعتقد ان صانع السياره او مصممها سيفعلها …
هذي سيارتك عليها كود تشفير … وما بتشتغل الا بمفتاحها الأصلي اللي جاي من بلادها ..
قلت منتظراً باقي عبقريته … طيّب ..! …
ثم عاود الشرح وهو ينظر تارةً الى هاتفه النقال اللذي إستلّه من جيبه وتارةً أُخرى لبعض الزبائن اللذي كانوا بالجوار القريب… وهذا التشفير اصبح قديماً وبحاجه لإدخال برنامج جديد ليتوافق بين المفتاح وكمبيوتر التشغيل .. قلت له سأذهب الى وكيلها ليصلح الخلل .. ضحك وقال لي .. عمي هاظا البرنامج جابلي اياه واحد من النت .. وكلفني خيرات الله مصاري .. بتفكر الشركه عندها هالسوالف … ؟!
سألته من باب محاولة التخلص منه .. كم الكلفه ..!… حكّ رقبته وادخل اصبعه البنصر في اذنه ..وراح يفركه داخل اذنه حتى تخيلت ان اصبعه جك حفارة نفط … ثم اخرج الإصبع …نظر في القاذورات اللتي علقت به ثم مسحها ببنطاله .. وعاود القول شوف يا حج .. انا بأعملو للناس بعشرين ديناراً .. لكني سأراعيك واعمله لك ب3 خمسات .. ابتسمت مرغماً .. قلت له لأي ساعه بتظلك فاتح … كون الساعه اقتربت من الغروب … سأذهب واحضر لك فلوس .. مش حامل هسه .. قال لي قديش معك … قلت له .. شوية فراطه حديد .. ولكني سأعود اليك صباحا بإذن الله .. عبس وجهه وهو يطبق غطاء المحرك بعد ان شغل المحرك عن طريق كوابل التوصيل .. الله معك .. واثناء محاولتي الإصطفاف قرب البيت وجدت ولدي حاتم يصطحب معه صديقه … اللذي عمل لمدة شهر ونصف عن كهربائي سيارات ..
قلت له .. يا عمر هالبطاريه ليش ما بتعبي كهربا كويس وهي بعدها جديده .. مد الشاب الصغير يده بعد ان فتحت له غطاء المحرك ليصرخ بعد ثوانٍ .. معك زرّاديه عمي ابو مروان .. ؟ .. وبسرعة البرق ناولته إيّاها … استعملها اقل من دقيقه وأعادها لي قائلاً … كاين مربط البطاريه مرخي شديتو … ومن ذاك اليوم لهذه الساعه وسيارتي المصونه ما ان ترى المفتاح من بعيد حتى يكاد محركها يدور فقط لرؤية المفتاح ..
سُقتُ هذه الحكايه بعد سماعي إقالة إدارة تلفزيوننا لسبب عدم قدرتها على التعامل مع حدث الإعتداء علي مكتب المخابرات .. هذا التلفزيون اللدي ندفع له كل شهر اتاوه دون ان نستفيد منه حتي نشرخ جويه متوازنه .. الا مراقبة هلال رمضان
و هنا لا بُدّ من المقارنه بينه وبين احد المحطات المحليه الحديثه قليلة المصاريف واسعة الإنتشار … واللتي يقودها شاب .. على مبدأ الOne Man show … وربما لأن التلفزيون الأردني .. يُطبّق المثل القائل .. كل ما زادوا الطباخين إزداد شياط الطناجر ..
كلمه اخيره اقولها >>> إصطناع الخبره وفن المهنيه الكاذبه لا يصنعان إعلاماً جيداً …
ويكفي ان موضوع تجاهل تلفزيوننا اصبح مدار سخريه وتندّر حتى من كبار ولاة امورنا ..
Kamalafaneh@yahoo.com
كمال عفانه 15.6.2016

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى