يعتبر الحد من #هدر_الأدوية في المملكة من أصعب #التحديات التي تواجه #القطاع_الصحي التي تقع على عاتق الجهات الصحية الوطنية والجهات المعنية.
وفي الوقت الذي تقدر فيه نسبة هدر الأدوية في العالم سنويا 41%، بسبب قلة وعي المريض وسوء الإدارة داخل بعض الجهات الصحية، فإن قيمة الهدر الكلي للأدوية في المملكة تقدر بالملايين سنويا، كما تقدر حصة هدر الأدوية المتلفة (منتهية الصلاحية) من جل الفاتورة الدوائية لوزارة الصحة وحدها بحدود 12 مليون دينار، وفق دراسات وطنية سابقة.
مديرة مديرية الصيدلة والصيادلة السابقة في وزارة الصحة الدكتورة زينة هلسة، بينت أن الدواء يشكل ثقلا اقتصاديا من حيث تأمينه، كما يتم استهلاك نسبة من الدخل القومي والرصد لهذه السلعة الضرورية الرئيسية، ويندرج في نطاق الاستهلاك كمفهوم اقتصادي فضلاً عما يمثله من أهمية قصوى، لذا فإن الملايين بل المليارات تصرف لما يسهل على الناس ويخفف من معاناتهم، بحسب الرأي.
وأضافت أن الاستخدام غير الرشيد للأدوية وغيرها من التكنولوجيات الصحية على نطاق واسع، يقوض ليس فقط الفائدة المحتملة منها، ولكن يؤدي أيضا إلى نتائج علاجية واقتصادية سلبية، لذا فإن الاستخدام الرشيد للأدوية، وحصول المرضى على المناسبة منها لاحتياجاتهم السريرية بجرعات تلبي متطلباتهم الفردية، ولفترة كافية من الوقت، وبأقل تكلفة لهم ولمجتمعهم، يعتبر أمرا ضروريا.
كما أن الحد من هدر الأدوية وفق هلسة، هو من الأمور المهمة التي تقع على عاتق الجهات الصحية الوطنية والجهات المعنية، ويحتاج إلى أن تكون الأنشطة الرامية إلى تعزيز الاستخدام الرشيد للأدوية متكاملة تماما في النظام الصحي، عبر مختلف البرامج والقطاعات والجهات المعنية الصحية الوطنية.
وللهدر الدوائي في المملكة هناك 10 مسببات مهمة كما ذكرتها الدكتورة هلسة، وهي:
1- عدم وجود ربط الكتروني مركزي بين جميع الجهات التي تقدم الرعاية الصحية، مما يسهل حصول المريض على الأدوية من عدة جهات مختلفة، والحصول على كميات أكثر من حاجته الحقيقية من خلال صرف الأدوية أكثر من مرة، ناهيك عن الاشتراك في التأمين الصحي لدى أكثر من جهة، مما يسهل حصول المريض على أدوية مكررة من عدة جهات، وخاصة مرضى الأمراض المزمنة.
2- عدم كتابة الوصفة الطبية من قبل الأطباء بالاسم العلمي فقط، وليس بالاسم التجاري، والتي تعتبر إجراء مهما يحد من موضوع هدر الدواء، والذي يؤدي في بعض الاحيان لاستخدام المريض لنفس الدواء بأسماء تجارية مختلفة، قد تلحق الضرر الصحي به، إضافة إلى الهدر في استخدام الأدوية.
3- توقف المريض عن تناول الدواء قبل انتهاء الوصفة (نتيجة لتحسن الأعراض أو لأسباب شخصية)، يؤدي إلى بقاء كميات غير مستخدمة من الدواء، وأحيانا يتم تغيير الخطة الدوائية للمريض بسبب عدم الفاعلية أو ظهور أعراض جانبية، ويتم إعطاؤه أدوية جديدة، ويبقى لديه كمية من الأدوية السابقة الغير مستخدمة.
4- عدم الالتزام بالتعليمات، حيث أن تجاهل تعليمات الطبيب أو الصيدلي قد يؤدي إلى تناول الجرعات بشكل غير صحيح، مما ينتهي بوجود كميات غير مستخدمة، وهنا تقع مسؤولية مهمة على عاتق الطبيب والصيدلي بتوعية المريض إلى ضرورة استخدام الأدوية بالطريقة المثالية.
5- شفاء المريض قبل إكمال أدويته وبالتالي إيقافها، وهنا أيضا تقع مسوولية على الطبيب والصيدلي لتثقيف المريض وخاصة عند استخدام المضادات الحيوية، وفي الوقت ذاته فإن وفاة بعض المرضى مع وجود كمية متبقية من أدويتهم، قد تكون كميات كبيرة تراكمت لديهم.
6- التخزين غير المناسب، إذ أن وضع الأدوية في أماكن ذات درجات حرارة أو رطوبة غير ملائمة يمكن أن يؤدي إلى فسادها وفقد فعاليتها، بالإضافة إلى أن شراء كميات زائدة من الأدوية، فأحياناً يُشترى أكثر من الكمية المطلوبة خاصة عند الشراء بالجملة، مما يؤدي إلى انتهاء صلاحيتها قبل استخدامها.
7- انعدام ثقافة التبرع بالدواء وفتح قنوات رسمية لاسترجاع الدواء الزائد عن الحاجة لأي سبب للاستفادة منه، حال ثبت تخزينه بظروف ملائمة أو إتلافه بالطريقة الصحيحة والآمنة، مما ينتج عنه التصريف غير الآمن للدواء وهو ما قد يضر بالبيئة (الحيوانات مثلا)، أو الاستخدام السيئ للأدوية كالإدمان أو المتاجرة بها في السوق السوداء.
ونوهت هلسة إلى أن المستشفيات والمراكز الصحية لدينا في الوقت الحالي لا تقبل استرجاع الدواء، ولا توجد سياسات واضحة حيال هذا الأمر، وقد تتبنى هذه الفكرة من قبل مؤسسات صحية رسمية أو تطوعية، كما يحدث في مجموعة من الدول والأنظمة الصحية.
8- التوعية المحدودة وعدم توعية المرضى والمجتمع بكيفية الحفاظ على الأدوية وتجنب هدرها، الذي يؤدي إلى إهمال الكثير من الكميات، داعية إلى عدم إغفال أهمية التثقيف المستمر للمجتمع حول كيفية التخلص الآمن من الدواء، أو كيفية إرجاعه للاستفادة منه وترشيد استخدام الأدوية، للوصول لمجتمع صحي تفاعلي مستفيد وغير مبذر.
9- شراء الأدوية من الصيدليات من غير وصفة طبية، وشراء بعض المرضى لأدوية أخرى مع وجود أدوية مصروفة لهم من قبل الطبيب وقد يستخدمها المريض أو لا يستخدمها، مما يسبب الهدر المادي إضافة إلى الأضرار الصحية المحتملة.
10- عدم الموضوعية من قبل بعض شركات الأدوية في التعبئة الدوائية تشكل محورا رئيسا يسهم في تحقيق التوازن بهذا الخصوص، فمن غير المعقول وحينما يكتب الطبيب وصفة لمريض لمدة خمسة أيام وبواقع ثلاث حبات في اليوم، فيما تحتوي العلبة على ثلاثين حبة أو تزيد أي أنها توازي ثلاثة أضعاف ما تستهلكه. وطالبت هلسة شركات الأدوية بتصميم عبوات خاصة وعلى حسب حاجة المريض، التي تساهم في الحد من الهدر غير المبرر، وإن كانت بعض الشركات قد قامت بذلك، من خلال تصميم عبوات للأدوية وصلت حتى 15 ملم.