نهزأ بالوزیرات والنائبات أکثر / ماهر أبو طیر

نهزأ بالوزیرات والنائبات أکثر

موجات النقد والتذمر والسخریة لا تترك أحداً في الأردن؛ ذكورا وإناثا، لكننا نلاحظ دوما ان حصة
السیدات اللواتي یتولین مواقع مھمة، تكون اكبر من السخریة، مقارنة بالمسؤولین الذكور، والأدلة
على ذلك لا تعد ولا تحصى.
في الاغلب السخریة من المسؤول تعبر عن موقف سیاسي، او سیاسي-اجتماعي، على صلة بعدم
الثقة بالحكومات والمجالس النیابیة، من حیث المبدأ العام، وھذه السخریة او النقد في حالات ثانیة،
لا تستثني أحدا، وتشمل الكل، ذكورا وإناثا، في تعبیر مباشر، عن الموقف من المؤسسات ذاتھا،
ومن السیاسات ومن الأشخاص أیضا.
حالة تصید الأخطاء واضحة، اذ نكون كلنا في حالة قنص، لأي تصرف خاطئ، او زلة لسان، او
حتى اجتھاد، ونادرا ما نجد أحداً یغفر لآخر زلة لسان، او خطأ في موقعھ، بل تبدأ الحملات عادة
بتعلیق او تعلیقین، على وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تصیر موجة كبرى، ویكون
مستحیلا في حالات كثیرة، ان یصمد الصوت المنطقي او العاقل، امام الموجة الكبرى التي تم
تصنیعھا، وكثیرا ما تكون أسبابھا محقة، ولیست ظالمة.
لكن تحلیل التعلیقات، ومنسوب الاستھزاء والسخریة، وطریقة النقد، بحق الوزیرات او النائبات او
المدیرات، تكشف وجھا ذكوریا في المجتمع، یعتبر تقریع المرأة أیا كان موقعھا السیاسي او
البرلماني، امرا عادیا في سیاقات تطاول المجتمعات الذكوریة المشرقیة على الاناث أساسا، من
ناحیة اجتماعیة، فیما الخطأ المرتبط بالموقع، یزید القابلیة للنقد او السخریة او الاستھزاء، بطریقة
مضاعفة، تؤشر على حالة نفسیة لدى الجمھور.
یخطئ الوزیر فیتم نقده بقوة، وتوبیخھ بكل الطرق، لكن الوزیرة حین تخطئ، یتم الحدیث عن
صبغة لون شعرھا، مثلا، او لون اظافرھا، وفي حالات یتم طرح أسئلة اذا ما كانت قد غسلت

شعرھا الذي یبدو دھنیا، ومرات یتم الاستھزاء بطریقة تافھة تمزج النقد السیاسي بالاعتداء
الشخصي على مظھر الوزیرة او شكلھا، او غیر ذلك من تفاصیل.
حین یخطئ نائب، یتم تقریعھ بكل الوسائل، وینال حصتھ من النقد والسخریة أیضا، لكن حین
تخطئ نائبة، تصیر القصة مختلفة، اذ فوق نقدھا سیاسیا، تنال حصتھا من مفردات مثل انھا
”رداحة“ او فلتبحث عن زوج لھا، او لتتفرغ للطبخ وكنس المنزل، وغیر ذلك من تعبیرات.
مرارا خلال الأیام الفائتة، وقبل ذلك، تسمع تعلیقات كثیرة، ولا ننكر ھنا ان ھناك وزیرات ونائبات
ومسؤولات لم یتم التطرق إلیھن، لكن السر في ھذا عائد الى تجنبھن الظھور او الحركة، ولو
تحركن بشكل إضافي لتم صیدھن بوسائل مختلفة، مع الاعتراف ھنا ان كل شخصیات الأردن
التاریخیة، التي یعتبرھا الناس، رمزا، في سابق الزمان، وحتى ھذه الأیام، من الذكور فقط، ولا
ترى رمزا نسائیا الا ما ندر، لأن الوعي الجمعي، یحذف أساسا أي صورة لسیدة، ویمارس عملیة
الاحلال لصالح الذكور فقط.
ذھنیة التشفي والكراھیة والنیل من الانسان على المستوى الشخصي، ذھنیة سیئة، ولا تؤشر على
روح ناقدة، او حتى خفة دم كما یتوھم البعض، بل تؤشر أحیانا على احقاد دفینة لھا صلة بالعلاقة
التاریخیة بین الذكور والاناث، وتثبت أیضا اننا نمارس الانتقائیة، فمن نحبھ نحمیھ ونغفر ذنوبھ،
ومن لا نحبھ نجد بكل بساطة أي خطأ للنیل منھ، حتى لو كان شخصیا.
ھذه المطالعة، لیست ضد حریة الرأي او التعبیر او النقد كما قد یتصور البعض، لكنھا تتعمد الفصل
بین النقد السیاسي المقبول اذا كان منطقیا وعاقلا، دون اجندات، وبین مزج ھذه الحریة بقلیل او
كثیر، من ازدراء المرأة، وتحقیرھا، في وعینا الباطني، وھو ازدراء یسمح بمزید من السخریة
المضاعفة، من المسؤول اذا كان انثى، بشكل یختلف عن السخریة من المسؤول اذا كان ذكرا،
ولدینا من الأدلة خلال الفترة الماضیة، ما یؤكد ھذه الحالة، ولا ینفیھا.
المرأة اذا كانت في موقع مسؤولیة، علیھا ان تحتمل، ولیست مقدسة حتى یتم منع نقدھا، لكن با
علیكم طبقوا نفس المعاییر والمفردات التي نطبقھا على غیرھن .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى