نزل الشرور!

نزل الشرور! / #يوسف_غيشان

في اللهجة العامية في حارتنا كانوا يقولون عمّن يخطئ خطأ فاحشا ً: (طغاه الشيطان) أيّ أنّ الشيطان تحكّم فيه حتى أوقعه في الخطأ، وبالتالي ينفون عن الشخص أيّ إرادة حرة أو مسئوليّة فردية في اقتراف الخطأ.
وبناء عليه، بشكل منطقيّ وعقلاني وعلماني وأبصر شو كمان (تاني) فإننا ينبغي أن نتوقف عن مطالبة الحكومات العربية بمكافحة الفساد ونتوقف عن إرهاق لغاليغنا ، ونحن نهتف ضدّ لصوص المال العام.
هؤلاء مواطنون، مخّاً ومخيخاً ونخاعات، ولا يستحقون منا هذه المعاملة الجافة، وهم لم يسرقوا لأنهم يريدون ذلك، بل لأنّ الشيطان، الشيطان ما غيره، طغاهم وأبعدهم عن سواء السبيل.
ما كان لأيّ ممّن نسمّيهم باللصوص، أن يمد يديه إلى المال العام، ما كان لأيّ منهم أن يفعل ذلك، بنا وبوطنه وأمته، لولا غواية الشيطان. الشر واضح، ومصدر الشر بيّن…. هو الشيطان عدونا جميعا إلى يوم الدين، فلنترك أخوتنا الذين طغاهم، ولنركز على أصل الشر، فلنطارد الشيطان ونحاكمه، ونترك إخوتنا المرضى بالفساد والإفساد، ولنقدم لهم كل مساعدة ممكنة، إلى أن نستأصل أصل الداء.
ومن ناحية معاكسة، يؤكد برفسور ألماني أنه عثر على ما سماه “بقعة سوداء “في وسط الدماغ الأعلى، أطلق عليها اسم ” مربض الشيطان ” ومهمتها الوسوسة للشخص من أجل القيام بردات أفعال عنيفة ومتنوعة، أو التربص (شرّا) بالآخرين.
إنه البروفيسور ” غيرهارد روث “، الذي قدّم دليلاً يؤكد صحة ما عثر عليه بقوله، أنه عرض شرائط فيديو تتضمن لقطات عن أعمال عنف وحشية على مرتكبي جرائم متنوعة، من قتلة وسفاحين ومغتصبين وسارقين وغيرهم، ثم قام بقياس نشاط أدمغتهم، ولاحظ دائماً أن كل أقسامها كانت تتفاعل مع ما تراه العين، إلا منطقة محددة بقيت بلا أي ردة فعل، ممّا يعني أنها كانت مرتاحة تماما لما كان يجري.
لو صدقت نتائج أبحاث البرفسور الألماني، فإنه سوف يجرّدنا تماماً من ذلك التبرير وتلك الحجة التي نغلف فيها أخطاءنا وخطايانا يومياً، لا بل في كلّ لحظة، إذ نتهم الشيطان فوراً بالوسوسة لنا، ونمارس عملية إسقاط نفسي، نطهر بواسطتها أنفسنا – وهميّاً على الأقل -من جميع الذنوب، ونحمّل تلك الذنوب لكائن خارجي، أرغمنا -أو أغوانا، لا فرق -على أن نتصرف عكس إرادتنا ورغباتنا الحقيقية.
أتمنّى ألا يستغل علماء الاجتماع الإنسانيون وفلاسفة اللاعنف والدعوات للعفو عن المجرمين ورفض الإعدام والعقوبات بأنواعها، أن لا يستغلوا هذا الاكتشاف من أجل الدفاع عن المجرمين والقتلة والسفاحين وأمثالهم، باعتبارهم مسيّرين غير مخيّرين في أعمالهم القذرة، وأن ّ الخلل البيولوجي وحده داخل الدماغ، هو الذي دفعهم لإيذاء الآخرين، وأن هؤلاء مجرد مرضى يحتاجون إلى الرعاية من المجتمع، وإلى العلاج النفسي والإكلينيكي، وليس العقاب.
أنا أعتقد عكس ذلك تماماً، أعتقد أنّ شيطاننا الداخلي ينبغي أن يكون أضعف من الشيطان الخارجي، لأنه جزء منّا، ونحن من نربيه وننميه بدواخلنا، ونرضعه ونطعمه اللحم والعسل من أجل أن يشتدّ عوده، ويقوّينا على الملاك الموجود بداخلنا وعلى الآخرين، لنغتصب حقوقهم.
نزل الشرور!
يوسف غيشان
في اللهجة العامية في حارتنا كانوا يقولون عمّن يخطئ خطأ فاحشا ً: (طغاه الشيطان) أيّ أنّ الشيطان تحكّم فيه حتى أوقعه في الخطأ، وبالتالي ينفون عن الشخص أيّ إرادة حرة أو مسئوليّة فردية في اقتراف الخطأ.
وبناء عليه، بشكل منطقيّ وعقلاني وعلماني وأبصر شو كمان (تاني) فإننا ينبغي أن نتوقف عن مطالبة الحكومات العربية بمكافحة الفساد ونتوقف عن إرهاق لغاليغنا ، ونحن نهتف ضدّ لصوص المال العام.
هؤلاء مواطنون، مخّاً ومخيخاً ونخاعات، ولا يستحقون منا هذه المعاملة الجافة، وهم لم يسرقوا لأنهم يريدون ذلك، بل لأنّ الشيطان، الشيطان ما غيره، طغاهم وأبعدهم عن سواء السبيل.
ما كان لأيّ ممّن نسمّيهم باللصوص، أن يمد يديه إلى المال العام، ما كان لأيّ منهم أن يفعل ذلك، بنا وبوطنه وأمته، لولا غواية الشيطان. الشر واضح، ومصدر الشر بيّن…. هو الشيطان عدونا جميعا إلى يوم الدين، فلنترك أخوتنا الذين طغاهم، ولنركز على أصل الشر، فلنطارد الشيطان ونحاكمه، ونترك إخوتنا المرضى بالفساد والإفساد، ولنقدم لهم كل مساعدة ممكنة، إلى أن نستأصل أصل الداء.
ومن ناحية معاكسة، يؤكد برفسور ألماني أنه عثر على ما سماه “بقعة سوداء “في وسط الدماغ الأعلى، أطلق عليها اسم ” مربض الشيطان ” ومهمتها الوسوسة للشخص من أجل القيام بردات أفعال عنيفة ومتنوعة، أو التربص (شرّا) بالآخرين.
إنه البروفيسور ” غيرهارد روث “، الذي قدّم دليلاً يؤكد صحة ما عثر عليه بقوله، أنه عرض شرائط فيديو تتضمن لقطات عن أعمال عنف وحشية على مرتكبي جرائم متنوعة، من قتلة وسفاحين ومغتصبين وسارقين وغيرهم، ثم قام بقياس نشاط أدمغتهم، ولاحظ دائماً أن كل أقسامها كانت تتفاعل مع ما تراه العين، إلا منطقة محددة بقيت بلا أي ردة فعل، ممّا يعني أنها كانت مرتاحة تماما لما كان يجري.
لو صدقت نتائج أبحاث البرفسور الألماني، فإنه سوف يجرّدنا تماماً من ذلك التبرير وتلك الحجة التي نغلف فيها أخطاءنا وخطايانا يومياً، لا بل في كلّ لحظة، إذ نتهم الشيطان فوراً بالوسوسة لنا، ونمارس عملية إسقاط نفسي، نطهر بواسطتها أنفسنا – وهميّاً على الأقل -من جميع الذنوب، ونحمّل تلك الذنوب لكائن خارجي، أرغمنا -أو أغوانا، لا فرق -على أن نتصرف عكس إرادتنا ورغباتنا الحقيقية.
أتمنّى ألا يستغل علماء الاجتماع الإنسانيون وفلاسفة اللاعنف والدعوات للعفو عن المجرمين ورفض الإعدام والعقوبات بأنواعها، أن لا يستغلوا هذا الاكتشاف من أجل الدفاع عن المجرمين والقتلة والسفاحين وأمثالهم، باعتبارهم مسيّرين غير مخيّرين في أعمالهم القذرة، وأن ّ الخلل البيولوجي وحده داخل الدماغ، هو الذي دفعهم لإيذاء الآخرين، وأن هؤلاء مجرد مرضى يحتاجون إلى الرعاية من المجتمع، وإلى العلاج النفسي والإكلينيكي، وليس العقاب.
أنا أعتقد عكس ذلك تماماً، أعتقد أنّ شيطاننا الداخلي ينبغي أن يكون أضعف من الشيطان الخارجي، لأنه جزء منّا، ونحن من نربيه وننميه بدواخلنا، ونرضعه ونطعمه اللحم والعسل من أجل أن يشتدّ عوده، ويقوّينا على الملاك الموجود بداخلنا وعلى الآخرين، لنغتصب حقوقهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى