مرض عربي …وبس

#مرض_عربي …وبس

#يوسف_غيشان

وكان مساء وكان صباح.

وكان أن قمت من النوم متثاقلا ، لكنني وبعد أن شربت قهوتي وصحصحت قليلا ، أكتشفت بأنني سعيد ومتفائل ومنبسط على الآخر . لم أفهم الأمر في البداية ، فأنا عادة أميل إلى الإكتئاب شبه المرضي ، ولست سعيدا ولا متفائلا بالمطلق .

مقالات ذات صلة

قلت في نفسي لا بد أن شيئا ما تغير في داخلي ، سوف أراجع طبيبي، فقد تكون هذه الإنفعالات الجديدة هي صحوة الموت التي يقولون عنها . دون انتظار، قدت سيارتي إلى العيادة.

أصغى لي الطبيب باهتمام شديد هذه المرة ، فهو عادة يستقبلني بتعاطف لكن بدون تركيز، وفورا أدخلني الى غرفة الأشعة والتقط صورا بالرنين المغناطيسي وأشعة أكس لدماغي ناهيك عن التصوير الطبقي. ثم أخرجني من الغرفة، وأعادني الى غرفة الإنتظار، ثم عاد لدراسة الصور.

كنت اراه من خلال الزجاح، وهو ينظر بحيرة الى نتائج الفحوص ، ثم يفتح الكمبيوتر ويهرش رأسه بعصبيه. لم أكن قلقا رغم ذلك فقد قلت لكم أنني سعيد ومتفائل، وصرت الان اكثر سعادة وتفاؤلا.

ناداني الطبيب الى غرفة الفحص وقال لي بقلق:

– يا ابني ، أنت مصاب بمرض غريب ، لا يصاب به سوى العرب ، فهو مرض “جيني” أصلي ، خصص لنا فقط لا غير.

ابتسمت بخفة وقل له :

– وما اسم هذا المرض وما هي أعراضه يا دكتور؟

– هل سمعت بمرض(الزهايمر) الذي يصيب الكبار بفقدان تدريجي للذاكرة.

– طبعا سمعت به ، لكني لا اعاني من هذه الأعراض ، بل اتذكر كل شئ وبدقة اكبر .

– انت لست مصابا بالزهايمر العادي ، أنت مصاب بالزهايمر معكوس.

– وماذا يعني هذا؟

– المصاب بالزهايمر العادي يفقد الذاكرة ، لكن في حالتك أنت تتذكر أشياء لم تحصل قط.

– وهل ما يدور في دماغي من احداث لم يحصل قط؟

– حاول ان تتذكر.

– قرأنا في كتب التاريخ بأن الخليفة العباسي استجاب لصرخات ابي عبدالله الصغير في الأندلس وارسل له جيشا عرمرميا أوله في بغداد وآخره في غرناطة، ومن ذلك الوقت ، والأندلس دولة عربية .

– لم يحصل.

– وأتذكر في الماضي القريب ، بأن جامعة الدول العربية لم ترض بقرار تقسيم فلسطين ، وهاجمت العصابات الصهيونية من البر والبحر والجو، وأجبرتهم على الفرار ، والان فلسطين قطر عربي يتعايش فيه المسلمون والمسيحيون واليهود بشكل رائع ويشكلون نموذا يحتذى في العالم اجمع.

– لم يحصل.. وماذا تتذكر أقرب ؟

– وأتذكر أن الأعداء هاجمزا قطاع عزة بكل وحشية لكن الجيوش العربية دخلت إلى القطاع ورمت الأعداء في البحر وأعادت بناء غزة على أفضل مما كانت.

– لم يحصل.

– وفي مصر……………..

– لم يحصل

– وفي ليبيا……………..

– لم يحصل

– وفي تونس………………

– وفي سوريا…………………………

لم يحصل… ولم يحصل…. ولم يحصل.

ثم انفعل الطبيب ، وطفق يبكي ، وأنا اضحك وأضحك وأضحك.

عزيزي المشاهد:

“اذا اعجبك المرض فأرسل كلمة ( أحلام) ، او dream

إلى اأرقام هواتفنا في بلدك”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى