نحو منهج مغاير لقراءة الأزمة العربية

نحو منهج مغاير لقراءة الأزمة العربية
اسماعيل أبو البندورة
يشعر الجميع بتفاقم الأزمة العربية ودخولها في لحظات ومحطات معقدة تكاد تجعل منها جدارا لا يمكن اختراقه ، وسداً يحول دون اكتشاف النقاط التي يمكن من خلالها فهم وتفكيك الأزمة والحؤول دون تفاقمها واستمرارها .
وليست الأزمة العربية فريدة ومستعصية كما نحسب إلى الدرجة التي لا تجعلنا نعيد مقاربتها وقراءة عناصرها ومسببات دوامها والدخول في حوار مع مفرداتها ، إذ ليس من شك أن حالة التأزم لمن قرأ التاريخ الماضي هي حالة واكبت الأمة العربية عبر العصور واللحظات المختلفة ووجدت دائماً من يشخصها ويضع مبادرات ومقترحات عن كيفية تجاوزها وتثبيت عقل الأمة وواقعها في مداراته التاريخية الصحيحة .
ولطالما تعددت المناهج في قراءة الأزمة العربية وتوزعت بين من يحيلها إلى العوامل الخارجية الضاغطة والمؤامرات الاستعمارية المتوالية ويقصر الحديث عليها بطريقة حصرية ، وبين من يرى أسبابها في داخلنا ، في الداخل العربي الذي كان فيه قابليات وممكنات للتلاقي والتخادم مع العامل الخارجي لصياغة المشهد الانهدامي والنكوصي ، وكان هناك بطبيعة الحال من يربط العامل الخارجي بالداخلي باعتباره المكون الرئيس للأزمة العربية وباعتبار أن العامل الخارجي وتحدياته كان يكشف هذا الداخل المنهار ويؤكد دور العامل الداخلي في تكوين حالة التأزم والتراجع .
وعلى الرغم من اختلاف مناهج قراءة الأزمة العربية إلا أن الوقائع الراهنة تدفع باتجاه صياغة منهج جديد مغاير لقراءات مستحدثة حول الواقع العربي تقوم أساساً على البحث في الداخل العربي ( في الذات والمجتمع والبنية والمؤسسة ) مع الأخذ في الاعتبار المؤثرات والتحولات الخارجية التي تتداخل وتسهم مع العوامل الداخلية في تشكيل مشهد التأزم الحالي وتدفع باتجاه استرساله وثباته وجعله نسقاً أبدياً في الحياة العربية.
ومع أن محاولات كثيرة تبذل في هذا الاتجاه أي باتجاه تجديد القراءات وعدم الرضوخ للحالة التراجعية الراهنة والتوجه لبذل جهود فكرية على طريق تفكيك الأزمة وتجاوزها إلا أنه لابد من تعميق الأفكار حول هذه النزعة الباحثة عن مستقبل عربي مختلف والدفع باتجاه تحويلها إلى رأي عام عربي بعنوان واضح وهو كيفية الخروج من الأزمة ، ذلك أن من أخطر ما يمكن أن تواجهه الأمة العربية هو قبولها الوضع القائم وتحويل الأزمة العربية إلى قدر ومصير لا يمكن الخروج من شباكه وبراثنه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى