نتغاضى، ونعترف المهم، أغلقوا البلد، واحظرونا

نتغاضى، ونعترف
المهم، أغلقوا البلد، واحظرونا

رمزي فتحي هارون

الحكومة الرشيدة،
تحية طيبة، وبعد

أرجو أن نعلمكم أننا نتغاضى عن الآتي:

أولًا: قرارات الإغلاق والحظر غير المبررة التي اتخذت في بداية الجائحة، والتي تسببت في تدهور الاقتصاد، وإلحاق الضرر بآلاف المنشاءات التجارية والصناعية والخدمية والسياحية والزراعية، وخسارة الآلاف لوظائفهم ومصادر أرزاقهم.

ثانيًا: نغض الطرف عن تأخركم في ضبط المعابر والحدود، والذي تسبب في انتشار الوباء، وتعرض البلد لموجة وبائية كبيرة أودت بحياة العديد من أحبتنا وأهلنا. كما نغفر لكم تنظيم الانتخابات البرلمانية في ظروف وبائية صعبة.

ثالثًا: نغمض أعيننا عن تهافت المسؤولين وتزاحمهم للظهور على شاشات الفضائيات، ومستعدون أن ننسى تصريحاتهم المتضاربة التي أربكت المواطنين وأفزعتهم وافقدتهم الثقة.

رابعًا: نتغاضى عن المصفوفات العجيبة، وعن تقييدنا بالتطبيق العبقري “أمان”، وفوضى التصاريح، وآلية الفردي والزوجي، وتوزيع الخبز في الباصات، … .

خامسًا: مسامحينكم على ارباكات الحظر الذكي، والحظر الغبي، وحظر الجمعة، وساعة لصلاة الجمعة، والمشي على الأقدام، ومرة مسموح ومرة لأ.

سادسًا: نتجاوز عن تأخركم في إحضار المطاعيم، وتوفير أعداد مناسبة منها أسوة بدول عربية شقيقة وفرت لسكانها، ولا أقول لمواطنيها، ملايين الجرعات.

نتغاضى عن كل ما سبق وأكثر.

وفي المقابل نضع بين أيديكم الاعترافات الآتية:

أولًا: نُقرّ بكامل إرادتنا بأننا لم نلتزم كما يجب بإجراءات الوقاية والسلامة. لم نتباعد اجتماعيًا، وكثير منا لم يرتدي الكمامات، عقدنا الاجتماعات دون حذر، واستمرت لقاءاتنا الأسرية وتجمعات الصديقات والأصدقاء كالمعتاد. أقمنا حفلاتنا في المزارع والبيوت، وأحيانًا دون علمكم، في الفنادق. نعلمكم أيضًا أننا أقمنا المقرات الانتخابية، وتجمعنا واحتفلنا، ضاربين بالفيروس والجائحة عرض الحائط.

ثانيًا: نعترف لكم أن كثيرين ممن أصيبوا بالمرض لم يحجروا أنفسهم. ذهبوا لأعمالهم كالمعتاد، وارتادوا الأسواق والمطاعم والمقاهي، وساهموا في نشر العدوى وارتفاع المنحنى الوبائي.

ثالثًا: نعترف لكم بأننا لعبنا دورًا رئيسًا في الترويج للإشاعات ولفكر المؤامرة، وشككنا بوجود الفيروس، وأنكرنا وجود مصابين ومتوفين.

رابعًا: نعترف أننا تطاولنا على الأطباء والاختصاصيين، وأننا هرفنا بما لا نعرف. لم نكترث بالعاملين في الحقل الصحي؛ قسونا عليهم بجهلنا وتكبرنا وعنادنا.

خامسًا: نُقرّ بأن كثيرًا منا يقاوم التسجيل لأخذ اللقاح، ويحذر الآخرين من أخذه. نعم، كثيرون منّا يرفضون نتائج العلم، ويعيشون في عوالم التنجيم والشعوذة والخرافة. لا نريد أن نرتدي الكمامة، ولا أخذ المطاعيم التي تحمينا من المرض؛ كِبرًا أو عِنادًا أو جهلًا، أو كلها مجتمعة.

سادسًا: نُقرّ بأن بيينا أصحاب مؤسسات ومدراء تجبروا على العاملين لديهم، واجبروهم على الدوام رغم ظهور أعراض مرضية عليهم. نقول لكم أن جشع هؤلاء، وهم مِنّا، قد ساهم في نشر العدوى وإصابة الكثيرين. نحن نعرف أن كثيرين من بينهم يضغطون عليكم لعدم الإغلاق رغم زيادة الحالات وخطورة الحالة الوبائية.

وبالاستناد إلى كل ما سبق من تغاضي واعتراف، نرجو منكم الإسراع باتخاذ قرار بإغلاق البلد، وحظرنا.
وعلى رأي خالتي: “نار الإغلاق ولا نار الفراق”.

دمنا ذخرًا للتغاضي، ودمتم ذخرًا لإدانتنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى