مُثلث القوى الياباني

#مثلث_القوى_الياباني

م. #أنس_معابرة

تقوم العقلية اليابانية الحديثة على مجموعة من العلوم والأبحاث والنتائج التي توصوا إليها بعد بحث طويل دام لعقود وقرون، وتقوم كذلك على مجموعة من الأساطير والحكايات الخرافية، والتي تركت أثراً كبيراً في نفوس اليابانيين، بل كانت وما زالت مبعثاً للفخر والاعتزاز بالنسبة لهم.

واحدة من تلك الأساطير القديمة تقول: “إنّ القوى التي يمتلكها الانسان تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة وهامة وهي: السيف والدرر والمرايا”.

ويرمز السيف – الذي طالما كان سلاح محارب الساموراي الفتاك – إلى السلاح الذي تلجأ إليه للدفاع عن نفسك وأهلك ومالك ووطنك أمام هجمات الآخرين، وكذلك هو الأداة التي تمكنك من تحصيل حقك في حال اغتصابه من قبل الآخرين.

ولا تكون القوة فقط بالأسلحة الفتاكة التي تقتل البشر وتدمر الأوطان، ولكنه يشمل العلم والمعرفة والثقافة والشهادة التي تزودك بما تحتاجه من المعلومات لمواجهة الخصوم والتغلب عليهم، ولو كان ذلك بعيداً عن أراض المعارك.

أما الدرر؛ فتشير إلى المال، وهو قوة كبيرة لا يستهان بها، فلو ملكت المال؛ فأنت تملك القوة الكافية لتحريك الأشخاص من حولك كيفما تريد، كما أنه بالمال يمكنك شراء الأسلحة والأدوات التي تحتاجها للدفاع عن نفسك، أو للهجوم على بعض الخصوم أحياناً.

المال قوة وسلاح ذو حدين، قد يكون سبباً للبناء والتقدم، وقد يكون سبباً للانحدار والهلاك، ولا بد أن تعلم جيداً أن المال هو الوسيلة لتحقيق الأهداف وليس غاية نرجو الوصول إليها، فالبعض يعتقد أن هنالك ثمن لكل شيء في هذه الحياة، ولو فشلت في شراء شيء ما؛ فأنت لم تدفع الثمن المناسب وحسب، وهذه سياسة مالية خاطئة تحتاج إلى المراجعة والتدقيق.

أما القوة الثالثة فهي المرايا أو المرآة، وهذه القوة هي الأهم والأكبر والأعظم بين القوى الثلاث، لأنها هي التي ترسم وتخطط لاستخدام القوتين الأخريين.

المرآة هي سلاحك الهام أمام نفسك، نفسك عدوتك الأولى، التي ترجو أن تقودك في دروب الشهوات والملذات، وتبعدك عن طريق الالتزام والعمل والانجاز.

مرآتك تريك تفاصيل شخصيتك، مراكز القوة والضعف لديك، وبالتالي هي القادرة أن توجهك إلى مراكز القوة لاستغلالها وتنشيطها، وإلى مراكز الضعف لمعالجتها والعمل على تنميتها، أو حتى اخفائها عن اعدائك إلى حين علاجها.

مرآتك هي الناصحة الصادقة التي تخبرك بحقيقة ذاتك وقدراتك، ولا تخونك أبداً، تخبرك إن كنت تعاني من ضعف في الشخصية، أو خوفاً من الحديث أمام العامة، أو من خجلك من توضيح وجهة نظرك أمام الآخرين، أو من خوفك من شكلك وطولك ولونك وجنسك، أو حتى خوفك من رفض الآخرين لك، أو تنمرهم عليك، وبعد هذا كله، يمكنها أن تقودك إلى القبول بالمسلمات، والبدء في التغييرات الإيجابية للنقاط التي تحتاج إلى تغيير.

الولايات المتحدة الأمريكية تجلس على عرش العالم منذ نهاية الحرب العالمية الأولى دون منازع، لماذا؟ لأن لديها من الأسلحة الحربية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية ما لا يمتلكه غيرها من دول العالم، ولأنها تملك من المال ما تستطيع به شراء ذمم دول وشخصيات كثيرة حول العالم، كما انها قادرة على تقديم المساعدات لبعض الدول، ومنعها عن أخرى، وهي الأقوى منذ ما يزيد على القرن من الزمان لأنها تدرك جيداً قدراتها وامكانياتها ونقاط ضعفها وقوتها، وتعلم أيضاً وقت الهجوم المناسب، والوقت الأفضل للتقوقع والدفاع، وتوجيه التعليمات لغيرها بالهجوم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى