من حقي أنتسب / د. عامر بني علي العياصرة

من حقي أنتسب

مهنة الصحافة من المهن الهامة والدقيقة الحساسة التي يعول عليها كثيرا في كشف الوقائع والمستجدات المحلية والإقليمية والعالمية الخاصة منها والعامة وتبرز أهميتها في المجتمعات وتتأكد أكثر من خلال توجيهها للرأي العام وتأثيرها عليه بناء أو تضليلا وهنا برزت مكانتها وخطورتها في المجتمع و بذلك يجب أن يتصدرها المتخصصون _ ضمن دراسة جامعية منتظمة بعدد ساعات دراسية معتمدة _ والمختصون من أبنائها _ من خلال الخبرات التي تحصلوا عليها في مسيرتهم الوظيفية المهنية والدورات المتخصصة المرافقة لذلك و التي تحصلوا عليها في سنوات عملهم وخدمتهم بحلوها ومرها وسلمها وحربها_ .
بيد أن هذه المهنة أصبحت اليوم _ومع كل أسف _ من المهن المبتلاة الطاردة للكفاءات والجالبة لكثير من الدخلاء ممن لا يسيرون غورها ولا يتقنون فنها بأدنى معرفة ومهنية وقد تغلغلوا في مؤوسساتها المتعددة _بلا ضابط أو رابط_ بكل انواعها المسموعة والمقروءة والمرئية ضمن عقيدة واضحة تحكمهم ويؤمنون بها و هي عقيدة الولاء والبراء _ الولاء للحكومة أوالمسؤول أيا كانت صفته ورتبته وقيمته تقربا منه وتزلفا إليه والبراء أمامه من تجلية الأمور بحقيقتها وكذلك قول كلمة الحق بشفافية وحيادية تامة إلا من رحم الله منهم بذلك .
المشاهد المتابع المدقق يجد العجب العجاب بما إعترى هذه المهنة من تراجع وفقدان ثقة كبيرة عند كثير من الناس سواء أكانت على مستوى الأفراد الممارسين لها أو المؤسسات التي ينتمون إليها ولأهميتها فهي تعد في التصنيف العالمي من السلطات الضاغطة المؤثرة في الدولة _ سلطة رابعة_ .
وأظن هنا وليس ظني إثما أو جريمة فبما وصلت إليه مهنة الإعلام والصحافة من ترد كبير في عطائها وتقلب في أحوالها وأحوال أعضائها ما جعلها سلطة تابعة ومقيدة ومسلوبة الإرادة والإفادة في آن واحد ففقدت بذلك دسمها الوظيفي المهني الذي يجب أن يكون ظاهرا وواضحا فيها .
أنظروا إلى مجتمعكم الذي تعيشون فيه لتعلموا حجم المصيبة الغالبة والمؤكدة فلا استغراب أن تروا من يمارسها وهو لا يجيد الكتابة و القراءة أصلا وحتى إن قرأ لا يقرأ إلا بصعوبة تهجئة رياض أطفال مبتدئة بل هناك من الممارسين لها من لا يحمل شهادة ثانوية عامة ولو بصفة راسب وقد وصل الأمر ببعضهم أن يتولى إدارة تحرير صحفا رسمية ومؤسسات إعلامية مهمة وحساسة وهو من غير المتخصصين المختصين في شأنها ومنهم غير الحاصل أصلا على شهادة الثانوية العامة ومظلتهم في ذلك كله أنهم ممن يمارسون المهنة وليس شرطا أن يكونوا متخصصين فيها وقد كفل لهم قانون نقابة الصحفيين هذا الحق ووثقه بينما أفقد القانون غيرهم المتخصص المختص هذا الحق تحت مبرر واه _ عدم ممارستهم للمهنة_ مع انهم هم الأولى والأكفأ بذلك.
ونذكر بأن نقابة الصحفيين الأردنيين قد أنشئت متذ عام ١٩٥٣م ضمن قانون خاص فيها وحصرت عضويتها وقتئذ على الصحف الورقية السائدة وحدث بعدها عدة تعديلات على قانونها لتشمل بذلك أكبر عدد ممكن من المؤسسات الإعلامية بأعضائها العاملين و الممارسين لمهنتها وخصوصا بعد تطور وتنوع أدوات الإعلام في الأردن و بكل مسمياتها المرئية والمسموعة والمقروءة فما الذي يمنع النقابة اليوم من تعديل قانونها وتطويره مرة أخرى ليشمل طلبة الجامعات المتخصصين في الصحافة والإعلام وهم الأحق والأجدر من غيرهم غير المتخصصين الذين انتسبوا إليها بحجة أنهم ممارسون للمهنة _ تحت ما يسمى نظام مزاولة المهنة وممارستها _ .
وأؤكد هنا بأن نظام مزاولة المهنة في النقابات الأخرى من حيث ضبطه للمهنة وتقييده لللعضوية اشترط أن يحمل العضو المنتسب إليها مؤهلا علميا متخصصا و هو في خصوصيته يختلف من نقابة إلى أخرى فثلا ما ينطبق على أعضاء نقابة المعلمين والأطباء والمهندسين والمحامين من شرط ممارسة المهنة يلزم التخصصية والحصول على مؤهل علمي بذلك بينما لا نرى ذلك في نقابة الصحفيين فليس شرطا أن يكون المنتسب إليها متخصصا في حقلها وإنما ممارسا لها وبذلك يقدم غير المتخصص فيها بدعوى واهية وهي ممارسته للمهنة ويؤخر غيره المتخصص_ وخصوصا طلبة الجامعات والخريجين في الصحافة والإعلام _ بحجة أنهم غير ممارسين لها وإن كانوا متخصصين .
فأي ظلم موجود واقع عليهم …؟!
وأي ضياع ودمار للمهنة في تأخيرهم و إخراجهم منها . ؟!
هنا وعلى لسانهم أقول :
(من حقي أنتسب).
د. عامر بني علي العياصرة
عضو نقابة المعلمين الأردنيين فرع جرش_ سابقا _.
مدرسة حسن الكايد الثانوية للبنين (المهنية).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى