وأخيراً “اكتيف” / أروى عبدالكريم الزعبي

وأخيراً “اكتيف”
– أروى عبدالكريم الزعبي

أعلم أن هذه القمة ستكون القمة الاربعين التي يعقدها قادة العرب منذ تأسيس جامعة الدول العربية في عام 1945ولكنني حقاً لا اعلم كم مرةً شهدتُ انعقادها منذ ولدت، ليس لأنني غير مهتمةٍ في التاريخ السياسي لعالمي العربي او غير مهتمةٍ لقضاياه الوطنية، ولكن لأنني منذ شاهدتُ أول قمتين وأنا أدرك أن لا جديد يقال وأن القديم سيُعاد، منذ ذلك الوقت وأنا أعلم أن القمة العربية ما هي إلا درس إنشاءٍ يخلو من أبسط قواعد اللغة العربية، ودرس خطابةٍ يخلو من طلاقة اللسان، وأن الأفعال ليست فعلاً حاضراً أو مضارعاً، وإنما تبدأ كلها بسوف المستقبلية، وأن المستقبل جاء ولم أرَ فيه أي فعلٍ تحقق وسيجيء مستقبلٌ آخر ويخلو أيضاً من أي فعلٍ عربي.

بات الأمل يتضاءل في كل مرةٍ يجري الاعلان فيها عن قمةٍ عاديةٍ أو طارئة فالبيان الختامي واحد منذ أول قمة حتى الآن، والاختلاف الوحيد أننا نضيف في كلِ مرةٍ دولة عربيةٍ جديدة على قائمة النزف العربي، ونسجلُ مأساةً جديدة في مجلد المآسي العربية، من دون أن نمحو هماً واحداً أو حتى نقول أننا استطعنا النهوض ولو لمرةٍ واحدة، في كل مرةٍ يجري فيها الاعلان عن قمة عربية أضع يدي على قلبي بأن لا يكون القادم أصعب.

في كل مرة تنعقد القمة، يكون حجم الصرف عالٍ من حجز فنادق للوفود العربية في الدولة المستضيفة إلى استنفار أمنها بكل أجهزته، إلى تعقيداتٍ في المطارات والطرق وغيرها الكثير مما لا نعرفه، وفي كل مرةٍ تكون النتيجةُ ذاتها بيانٌ ختامي لا جديد فيه، وكأنها فيلمٌ عربي مهما تغير أبطاله ومهما أعيد انتاجه، وتغيرت تفاصيله تبقى النهاية واحدة من دون أي ابداعٍ أو حتى تعديلٍ واحدٍ يُذكر أو يحث المشاهد على إعادة مشاهدته، فحتى فيلم “ساندريلا” وعلى الرغم من إنه مأخوذٌ عن نفس القصة إلا أن المشاهد للفيلم في كلِ مرةٍ يجد أن هناك لمسةً ما أضيفت للفيلم فجعلت منه قصةً أخرى.

مقالات ذات صلة

لذا حكامنا لن أطلب منكم هذه المرة بأن تعدونا بوعودٍ تتحق أو فعلٍ عربيٍ مشترك أو أن تغيروا واقعنا للأفضل كل ما أطلبه أن تضعوا بصمتكم على الأقل في البيان الختامي بأن تبدعوا في صياغته لكي لا يكون تكرارا مملاً بأن تبتكروا ختاماً لقمتكم لا يشبه ختام ال 39 قمةٍ الماضية علنّا نتذكر لكم آخر ظهور ونقول أنكم كنتم وأخيرا “أكتيف”!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى