الحرية والحلم القاتل / جروان المعاني

الحرية والحلم القاتل
ربما الحرية الحقيقية الوحيدة التي نمارسها دون جزع هو عدم الاهتمام بالاتصالات التي تاتيك عبر الهاتف فايا كانت هوية المتصل تستطيع تجاهله دون ان تفصل بوجهه ثم هو يمارس حريته باعادة الاتصال مرات ومرات حتى يصاب بالملل ويبدأ بكيل اللعنات واتهامك بالاهمال وعدم الاهتمام .
لعل العقل هو اثمن ما يملكه الانسان، وذاك الجزء الافتراضي في جسد الانسان تتفاوت قدراته تبعا للبيئة وما تكتسبه الروح من خبرات والمطمئن في الامر انك تستطيع ان تتعامل مع عقلك بالكيفية التي تريد وان تتطرف وتتخيل كما تشاء وهي حرية يتمتع بها جيدا الانسان فيظهر ماشاء منها ويخفي ما يريد فياتي كل فعل على انه ابداع يختلف الناس في تقييمه .
كثيرا ما نردد مقولة الشاعر (ياليت احلام المنام يقين) فكثيرة هي الاحلام الجميلة التي تغزونا اثناء سباتنا وكل منا ياتيه حلمه بحسب طموحاته، فمنا من يحلم بالمال واخر يحلم بتحرير الارض من قيودها، واخر يحلم بامرأة جميلة، وقليلون من تجتمع كل اشكال الاحلام برأسه، وعلى الاغلب الجميع حين تظهر الشمس تتبخر احلامهم فيرتطمون بالواقع .

ما بين ربما ولعل وياليت يسكن ملايين الشباب العرب حيث احلامهم بالهجرة وترك بلاد كثر فيها الهرج والمرج وصاروا فيها عرضة للقتل بسبب احلامهم العمياء الداعية للحرية والعدالة والحياة الفضلى .
أكاد اجزم ان الحكومات العربية تخشى ويرعبها كثيرا احلام الشباب التي تغذيها الفضاءات المفتوحة على الكون، لذا فهي تتفنن في قتل الاحلام بمهدها وتوجهها ما امكنها نحو السعي لاسترضاء السادة الحكام والمتنفذين القادرين على تحقيق احلام الشباب بمدهم بالمال والنساء وتسهيل حياتهم، فحتى يتحقق لك ذلك عليك ان تكون قريبا من احد المتنفذين القادرين على الوصول للحاكم .
يكاد القلق يكون سيد الموقف في عمق كل منا، فانا ومعي المئات نقلق من تردي العلاقة بين السلطة الفلسطينية والاردن، ويزداد قلقنا كلما اقترب موعد مباراة لكرة القدم بين الوحدات واي فريق اخر، ويزداد قلقي اكثر واكثر كلما القى احد المرشحين كلمة تطرق فيها لاحلام الشباب .
يومين وتأتي ذكرى مجنونه ترتبط بالهجمات على امريكا، ثم ياتي عيد الاضحى والذي يرتبط بذكرى فداء النبي ابراهيم لابنه اسماعيل بكبش كبير، ثم تقفز للذاكرة حادثة اعدام الرئيس صدام حسين وما جره من ذل لكل الامة حين اضحى ذبيحا بيد الغزاة واعوانهم، وما تلا ذلك من عبث في احلام الشباب بالحرية وتحريك الشارع العربي باتجاه الموت من اجل حلم .
ما العمل كيف نحصن انفسنا من احلامنا، كيف نمنع العبث بمناهجنا التربوية على يد حفنة من المتنفعين الذين يريدوننا بلا هوية او احلام كبرى خدمة لمصلحة من يريد قتلنا من المتصهينين والمستفيدين من جهلنا ورعونة احلامنا.
ايها السادة ان ذاكرتنا امتلأت بالسواد وبالتاريخ الكاذب وبالشخصيات التي اقل ما يقال فيهم انهم خانوا البلاد والعباد وعقروا احلامنا بالحرية والكرامة، واعلنها صرخة ان احلامنا بزوال هذا الظلم مرتبط بزوال من يمارس هذا الظلم، اي ان احلامنا ترتبط بالقتل .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى