لك الله يا شآم / م. رنا محمد خير

لك الله يا شآم

منذ ست سنوات عندما بدأت الثورة كنت أردد بيت الشعر القائل :
” وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق ”
وقلت أيضا : ( ليس من أجلنا نحن .. فلم يبق في العمر قدر ما مضى .. ولكن من أجل أطفالنا .. من أجل أبنائنا .. من أجل أطفال رجال يعيشون كراما بحرية .. ينعمون بوطن يقول فيه المرء ما يشاء ويعبر عن رأيه كيفما شاء دون خوف إلا من الله تعالى وحده ) … وأنا أدرك تماما أن من يده في الماء ليس كمن يده في النار .. فلست هناك معهم .. ولن أدرك حقيقة ما يعانون .. وقساوة ما يمرون به من صعوبة الاختيار ..
وربما لو كنت هناك لجبنت واخترت البقاء مختبئة خلف جدران المنزل خوفا وجبنا ..
ومرت الأسابيع .. ثم الشهور .. ثم سنوات .. تعدت 6 سنوات من الدماء التي تسيل على التراب وفي السهول والوديان وفوق الجبال ..
ومشاهد القتلى والجرحى تملأ شاشات الفضائيات .. والخذلان يحني الجباه خجلا ..
والعالم يقف موقف المتفرج على أنهار الدماء التي باتت أكثر من مياه الأنهار ..
أطفال يتامى ونساء ثكالى وشباب وشابات يذبحون ويعتقلون ويعذبون .. شيوخ لم يشفع لهم كبر السن .. ورجال يذرفون الدمع قهرا وانكسارا .. وليس أقسى من دموع الرجال ..
وأطفال لم تشفع لهم نظراتهم البريئة ولا ضحكاتهم البيضاء الندية .. لم تشفع لهم طفولتهم العذبة .. واغتالتهم
يد الغدر لتروي بدمائهم الزكية الطاهرة كل شبر من الأرض ..
كنا نظن أن الأمر لن يطول كثيرا .. عدة أشهر .. أو ربما سنة كأقصى زمن .. ولكن ست سنوات من مرارة الذل الجديد .. وملحمة أسطورية من الهمجية والظلم والطغيان .. ونراها الآن تكتب حلقة جديدة تتوالى فصولها مجزرة تلو أخرى .. ليسجل التاريخ سطورا فريدة من نوعها خطها نوع جديد من اللابشر .. لا عهد للإنسانية
به ..
وكم هو مخجل أن نصل لهذه المرحلة من اللاشعور وهذه اللامبالاة .. فتمر صور القتلى أمام أعيننا بلا شعور
ولا أدنى ألم أو حزن .. إنما هي لحظات فقط ونعود لما كنا عليه ..
ربنا ارحمهم برحمتك التي وسعت كل شيء وتلطف بهم يا رب العالمين ..
فلم يعد لهم سواك يا الله ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى