لكلِ زمانٍ لصوص وأعوان / م.عبدالكريم أبو زنيمه

لكلِ زمانٍ لصوص وأعوان
ما أن نستفيق من صدمة حتى نُفجع بأكبر منها..هل كُتب علينا الشقاء والبلاء أم أننا نعيش على هامش الحياة المتاحة لنا ! لماذا نتوجس طريقنا كمن يسير في ليلٍ مظلم لا بوادر لبزوغ فجر له، ضاعت من أعمارنا عقود من الزمن عشناها على وعود كاذبة وشعارات فارغة وأوهام وأحلام لم ولن تتحقق في ظلِ نهجٍ سياسي لم يُراعي إلا مصالح وجيوب القائمين عليه فقط، وبالمقابل أغرق الوطن في بحرٍ من الأزمات.
لقد فجعنا يوم السبت 11/8/2018 باستشهاد وإصابة مجموعة من أبناء فقراء هذا الوطن أثناء تأديتهم لواجب الدفاع عن الوطن ضد مجموعة من الإرهابيين في مدينة السلط “الرحمة والخلود لارواحهم الطاهرة”، هذه الخلايا الإرهابية التي تظهر بين الفينة والاخرى ويسقط خيرة أبناءنا ضحايا لإجرامهم تأتي لتكذب أُسطورة الأمن والأمان والتي لطالما تغنى بها أولئك الذين يسقطون الوطن في براثن الإرهاب كل يوم، هؤلاء الارهابيون هم نفسهم مجاهدوا الأمس الذين دفعنا بهم للجهاد في سوريا وهم نفسهم ضحايا هذا النهج البائس الذي أفقر البلاد والعباد وأوصل الشباب إلى اليأس والاحباط والجهل والتطرف والارهاب .
إن كان لا بد من محاربة الارهاب فعلينا أن لا ننتظر فجيعة أُخرى يموت فيها الفقراء ويغرد المارقون فوق ثرى هذا الوطن الطاهر بالتعزية بهم، محاربة الإرهاب تتطلب مراجعة مرحلة كاملة عمرها عقود من الزمن عاث فيها المارقون وأعوانهم سلباً ونهباً وتقويضاً لكل موارد الدولة وأصولها المالية ومنظومتها القيمية والتشريعية والقضائية والإدارية والأمنية حتى بات الفساد يجاهر بنفسة على مرآى ومسمع الجميع، محاربة الإرهاب تتطلب محاسبة كل من عبث بأمن واستقرار الاردن ثقافياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وأمنياً..الخ ،محاربة الإرهاب تتطلب إرادة سياسية حقيقة صادقة تنبش الماضي برمته وتحاسب بصرامة وشفافية كل من ساهم في تهيئة بيئة الفقر والجوع والبطالة والمخدرات والتطرف والارهاب..وهم بالمناسبة معروفين ومكشوفين حتى لبسطاء الناس، محاربة الارهاب تتطلب محاسبة كل من أغرق البلاد بالديون بسياساته المدروسة وكل من تاجر بأملاك الدولة ومواردها ومؤسساتها الربحية وكل من أسس دكاكين تشجيع الاستثمار والتي تحولت إلى مكاتب استعلامات وبنك معلومات لاولئك اللصوص وأعوانهم لابتزاز المستثمرين والنصب والتحايل عليهم وتطفيشهم !!!
لن ننعم بالأمن والأمان إلا بإيجاد بيئة آمنه أساسها العدل والمساواة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون وفصل حقيقي للسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية واستقلال وتفعيل أجهزة الرقابة والبدء بمرحلة سياسية ديمقراطية تخدم الوطن ولا تحمي اللصوص وتندمج معهم، هذه الارادة اذا ما وجدت عليها البدء بتطبيق سيادة القانون والقبض على كل المشبوهين ومحاكمتهم والحجز على أموالهم واسترداد الاموال والممتلكات المنهوبة وجلب كل المحكومين بقضايا الاختلاس والزّج بهم في السجون وتحصيل كل أموال الضرائب والتهريب، إذا ما وجدت هذه الارادة سيلتف كل الشارع الاردني صفاً واحداً خلف قيادته وسينصرف كل من فقد الامل في حياة كريمة وانظم لمنظمات التطرف للانخراط في العمل والتنمية .
سنفجع غداً أو بعد غد بمصابٍ آخر أو بطامةٍ أُخرى إذا ما بقي المهربون واللصوص في أبراجهم وقصورهم…سنفجع إذا ما بقي سوق المخدرات رائجاً..سنفجع اذا ما بقي التهرب الضريبي محمياً من علية القوم و كبار اللصوص وأعوانهم .. سنفجع ما دام هناك فرض شركاء على كل مستثمر … سنفجع ما دام المحكومين بالاختلاس يدخلون ويغادرون الاردن من الأبوابِ الواسعة…سنفجع ما دامت القطط السمان تتناسل وتتوارث المناصب ويتخذون من الدستور والقوانين أغطيةً يتدثرون بها، سنفجع ما دامت ظهور الفقراء تنكسر وهم يبحثون عن لقمة عيشهم وتخطف من أفواه أبنائهم لتسديد عجز الإعفاءات الضريبية عن المهربين.. سنفجع ما دامت كرامة الوطن تهان بالاعتداء على رجال الأمن أثناء تأديتهم الواجب الرسمي دون الانتصار لهم وحفظ هيبة الدولة..سنفجع ما دام عدد موظفي الديوان الملكي يتجاوز موظفي أي وزارة باستثناء وزارة التربية وموازنتهم تتجاوز موازنة عدة وزارات مجتمعة…هذه الفواجع الارهابية لم يحفزها مقال هنا أو تصريح هناك وإنَّما أولئك اللصوص وأعوانهم الذين لا زالوا يمارسون كل أشكال الفساد بحق الوطن والشعب ولا زالوا متمسكين بالنهج السياسي الفاشل الذي أودى بنا وبوطننا إلى الحال المظلم الذي نعيشه، ويا للأسف فإنَّ هذا الزمان هو زمانُ اللصوصِ وأعوانهم..الزمن الذي توارى فيهِ عن الوطنِ رجالهُ !!!
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى