فرح مرقه: سؤال “أين” في تفجيرات بيروت وأزمة “غباء مركّب”.. الإعلام الرسمي في عمان احذر فالشرر يتطاير.. ورؤيا الأمل تذكرنا بحقيقة “الغزازوة” في الاردن وأصل شعبية الإخوان.. أحمد مناصرة والفلسطينيون الأيتام وأمّه.. ادعولهم !

أحمد مناصرة.. لا تتذكّر..
موجع جدا أن تسمع من رئيس مؤسسة حقوقية كالمرصد الأورومتوسطي تقييما يصف الفلسطينيين بـ”الأيتام”، وهو يتحدث عن الفيديو الذي تناقلته وسائل الاعلام عن الطفل أحمد مناصرة، والذي لم أستطع شخصيا إكماله إلا عبر شاشة الجزيرة كون تقريرها عن القصة كان مختصرا وسريعا.
ما حدث معي كان خلال ساعات، فالفيديو أدمى قلبي وشلّ حركتي تماما حين رأيت الطفل يبكي ويصرخ ويضرب رأسه وهو يكرر “مش متذكر”، كنت أفكّر به وبكم “يعاني” بينما أنا أجلس خلف شاشتي “آمنة مطمئنة”، فشعرت بالقهر والعجز، وبتُّ أكمل أعمالي مشدوهة غير قادرة على التركيز إلا على غضبي من كل شيء.

بصورة أو بأخرى، ظننت أنني وحدي من كنت أفكّر بالطريقة المذكورة، وظللت على حالي حتى استلمت بيان المرصد المندد بما قامت به قوات الاحتلال، فقررت أن أستوضح بضع أمور أكثر لأضيفها إلى البيان كون القصّة “تعنيني” وعلّي أنفّس عن نفسي قليلا.
أرسلت لمدير المرصد الدكتور رامي عبده أبثّ حنقي على السلطات الاسرائيلية علّي أسمع بصورة غير مباشرة عن تحليل يقول بأن الطفل سيكون بخير، فأرسل الدكتور رامي رسالة نصّها “عزيزتي إن كنتِ متأثرة ففكّري بأمه الله يعينها.. الفلسطينيون أيتام يا أستاذة لا عرب معهم ولا غرب.. ادعيلهم”.
رسالة كهذه كفيلة بإذابة جلود وجوهنا خجلا.. رسالة كهذه تبخّر ماء وجوهنا.. رسالة كهذه كان حرياً بها أن تقتلني شخصيا “لو كان بي حياة” ولكني أعترف أني مثلنا جميعا آخر معرفتي بالحياة كانت منذ “مش متذكّر” !

**

برج البراجنة والبوصلة المضبوطة..
خلال أسبوع تقريبا، كانت نسبة الاصدقاء والصديقات الذين ذكروا الطفل المناصرة وعائلته اقل من 20 بالمئة، ولكن الغريب أن تفجيرات كالتي حدثت في لبنان الخميس جعلت معظمهم يتكلمون، ويبدؤون سؤالهم بـ”وين التفجير؟” ليحددوا إن كانوا سيتعاطفون أم لا!
بمجرد معرفة أي شخص موقع التفجير في “برج البراجنة” في الضاحية الجنوبية اللبنانية، يقرر إما أن “يتشمّت” أو يشعر بالحزن وفقا لانتمائه السياسي، لتتكشّف أزمة “الغباء المركب” مجددا، فنحن لم نكتفِ بخلط الدين بالسياسة والقتال باسم الله، فخلطناهما معا بالإنسانية لنحصل على “محلول مركّز من الهمجيّة وتهتّك المبادئ” حتى نشمت بآمنين في بيوتهم قُتلوا دون ذنب.

مقالات ذات صلة

بالنسبة إليّ زرت الضاحية، لا بل ونمت في بيوتها وأعلم جيدا ان فيها من يفوقونني انتماءً للقضية الفلسطينية التي أعدّها “بوصلة القضايا”، ومن لا يدرك ذلك يستطيع متابعة تقارير قنوات الميادين والعالم والمنار عن الحادثة، ويرى جدران البيوت في الضاحية وكيف أنها فلسطينية أكثر منا جميعا.
والضاحية أيضا جزء لا يتجزأ من تلك الجنة المدعوّة بيروت، وسكانها بعض من اللبنانيين الذين سئموا “جنون الساسة” قبلنا بمراحل، لذا وبغضّ النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع حزب الله وسياسته وكل أفعاله، يبقى دم أبناء الضاحية و”حيطان منازلهم” علينا جميعا حرام، ولو أن في المسلمين “خلافة” فلتفجّر معاقل المغتصبين في فلسطين، وما دون ذلك “كلام فارغ”!

اللهم احمِ “قطعة السما” وسائر بلداننا منا وسنعيش بسلام..

**

الاعلام الرسمي الاردني.. الشرار الحارق في مؤتمر وزير الداخلية..
يتساءل صديق عميق عن السبب الذي دفع وزير الداخلية الأردني وثُلّة من رجال الدولة ليعقدوا مؤتمرا أمام الشاشات المختلفة كالذي عقدوه قبل يومين، خصوصا وهو برأيه أظهرنا “مجانين”، وزاد طين الرواية الرسمية بلّة!

المؤتمر الذي بثّه التلفزيون الأردني الرسمي جاء غريبا للغاية، تحديدا في جزئية تجاوز حادثة القتل في الموقّر والحديث عن قضية منظورة أمام النائب العام تحت عنوان “انتحار الشقيقتين السلطي”.

الصديق المقرّب من حوادث مشابهة، تساءل عن السبب الذي جعل وزير الداخلية يتحدث بالقضية قبل ان ينهيها النائب العام، والأول يعلم أن ذلك قد يؤثر على سير التحقيق، بالإضافة لكون الحديث عدّة مرات عن كون الفتاتين انتحرتا أثاره لمعرفته أن القاضي وحده من يقرر إن كانتا كذلك أم لا.

كل اعتراضات الصديق التقنية والمتعلقة بالعمل الجنائي والأمني احترمها وانحاز اليها، ولكني اذ انحاز اكثر، فأنا انحاز الى شعوري بعدم وجود اعلام رسمي ومسؤول ينقذ ما تبقى من ثقة الشارع في مؤسسات الدولة ويحمي خصوصية المواطنين وحرمات حيواتهم وموتهم في الوقت ذاته، وهو ما إن استمرّ سيقوّض- لا سمح الله- ثقتنا جميعا بالدولة الأمر الذي لا تُحمد عقباه.

المؤتمرات والبيانات والتصريحات التي تضرب بعضها ببعض فتخرج شررا يحرق جزيئات من ثقة الشارع بها، كلها بحاجة إعادة تفكير، ثم “نفض” قبل ان يشعل الشرر نارا لا نستطيع إخمادها، وبالطبع فإن المعالجات بالحالة الاردنية المستعصية لا تنتظر “عاما” حتى نبدأ قناة ثالثة لا نعرف خيرها من شرّها !.

**

رؤيا الأمل وكشف ما نحاول إخفاءه..
بعيدا عن اخفاقات الاعلام الرسمي المحلي، خرجت أخيرا قناة رؤيا الفضائية، ببرنامج شهدتُ شخصيا مراحل الحُلُم في العمل عليه لمعدّته ومقدمته “رنيم عابدين”، والتي أرادت لبرنامجها أن يكون “أملاً” للبسطاء وللمحرومين بعيدا عن كل ضوضاء السياسة.

فكرة البرنامج تقوم ببساطة على البحث عن عائلات مكلومة ومحتاجة، ومساعدتها بطرق “مستدامة” كإيجاد عمل لأفراد الأسر وتأمين الاطفال بالمدارس إضافة لرفع الأسر حتى “خط الصفر” ليستطيعوا استئناف حياة لم يحيوها قبلا وبكرامة.

الفكرة مغرية والأداء مذهل لشابة شغفها بتحسين مجتمعها يتقافز من عينيها، ولكن الرسالتين الخطيرتين اللتين التقطتهما من البرنامج كانتا كمرآة لواقع نحاول اخفاءه دوما: أولى الرسالتين كان حديث الأم التي لديها عدد من الاطفال الموجودين في المنزل دون دراسة عن كونها “غزاوية” أي انها بلا رقم وطني يخوّلها أن تستفيد من معظم خدمات المملكة المجانية (وان كنت انا شخصيا اشعر خدماتنا المجانية ليست بالجودة الملائمة)، الامر الذي اعتبرته سبب حرمان ابنها المريض من العلاج، واخوته من الدراسة وزوجها من العمل الكريم وابنها المتوفى من الحياة الكريمة وغير ذلك الكثير.. ما يجعل الحديث عن “الفلسطينيين في الأردن وبخاصة ابناء القطاع″ وكيفية تسيير امورهم يقفز مجددا للواجهة.

الرسالة الثانية كانت ذكر مقدمة البرنامج ان “اسرع فاعلي الخير استجابة” كانت جمعية المركز الاسلامي الخيرية وليست اي جهة حكومية ولا اغاثية دولية، فقامت الجمعية بالتكفل بتحويل المنزل من “قبو” إلى بيت جميل نظيف وإنساني، وهنا الرسالة لكل من يسأل عن اسباب قوة الاخوان المسلمين في الاردن وشعبيتهم ووقوف المعظم الى جوارهم (مع علمي ان رئيس الجمعية اليوم في نزاعات مع الجماعة الام ولكن هذا في المعرض المذكور غير مهم).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى