طفولة مسروقة وأحلام ضائعة / لارا أحمد

طفولة مسروقة وأحلام ضائعة
بين أزقة المخيمات وحطام العشوائيات التي أنهكها الألم يقضي أطفال غزة طفولتهم في ظروف أقل ما يقال عنها أنها غير ملائمة، أطفال في عمر الزهور مفعمون بالحياة تنطفئ شموعهم رويداً بفعل عواصف الحرب التي لا تنتهي.
مما لا شك فيه أنّ الحرب تجارة رائجة جداً منذ أمد بعيد، إلا أنّ الجوع والحرمان هما سلعة قافلة التاجر الجشع ورأس ماله، فكلما زاد الخراب زادت قيمة تجارته، إنها أيها السادة تجارة لن تبور احترفتها منذ زمن غير بعيد، جماعات تدّعي النضال والمقاومة لكن لحسن الحظ فإنّ المعطيات على أرض الواقع قد كشفت زيف ادعاءاتهم وبطلان وعودهم .
يعيش في قطاع غزة ما يزيد عن أربعين بالمائة من السكان تحت خط الفقر، فيما يعتمد سبعين بالمائة منهم على المساعدات الخارجية، ما يجعل فرص حصولهم على طفولة سعيدة شبه معدومة، إذ تقوم عديد من الاُسر بتشغيل أطفالهم في مهن لا تتناسب وسنهم كالبناء و الصيد .
عمالة الأطفال ليست وحدها ما يهدد طفولة الطفل الغزاوي، إذ نظراً لضعف التمويل الذي تتلقاه المؤسسات الحكومية الفترة الأخيرة، أضحت المدارس أكثر اكتظاظاً من ذي قبل بسبب عدم تناسب عدد الفصول مع عدد الطلبة، ما جعل جودة التعليم تنحدر لأدنى المستويات، لهذا فضّل العديد من ضعاف الحال تشغيل أطفالهم بدوام كامل ومنعهم من مزاولة تعليمهم مبررين ذلك بعدم جدوى التعليم في المدارس الحكومية وعدم قدرتهم على توفير متطلبات المدارس الخاصة .
لا يوجد في قطاع غزة ما يكفي من وسائل الترفيه، ما يجعل الأطفال عرضة لمخاطر عدة كالإدمان و الإجرام والاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة بدل صقل مواهبهم وتنميتها .
أغلب التحاليل تشير أنّ حركة حماس الإسلامية هي المتسبب الرئيسي في حالة العبثية التي تغرق فيها غزة منذ سنوات، فمسارعة الحركة للتسلح والاستعداد لحرب قادمة لا يرجوها لا عدو ولا صديق هو ما ساهم في تردي الأوضاع .
“الاستثمار في السلاح بدل الاستثمار في التعليم”
يمكن تلخيص سياسة حماس الداخلية في هذه العبارة، فالأرقام الخيالية التي أنفقتها حركة حماس لتجهيز أسطولها الحربي كان من الممكن أن تُحدث نقلة نوعية في مستوى معيشة أطفال غزة الذين إضافة لكل المعاناة التي ذكرناها آنفاً لا يجدون ما يسد رمقهم، لهذا يصاب الكثير منهم بفقر الدم وضعف المناعة بسبب سوء التغذية .
رغم الواقع الداكن بلون البارود والرصاص والمعاناة اليومية، إلا أنّ الكثير من الشباب الفلسطيني لم يفقد الأمل بعد، هذا الشباب أخذ على عهدته مهمة نشر ثقافة التفاؤل والأمل في غدٍ أفضل .
أحد منتجات الشباب الغزاوي صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحت عنوان “أولاد غزة يريدون العيش” يتابعها ما يقارب عشرة آلاف مشترك .
الصفحة عبارة عن وجه مشرق داخل الدمار والعبثية التي غزت قطاع غزة، إذ يرسم مدونو الصفحة مستقبلاً مشرقاً لأطفال غزة من خلال منشورات مُوجهة تبعث في ذات الوقت برسائل لوم وعتاب على أصحاب القرار في حركة حماس وبرسائل قوة وعزيمة لكل طفل غزاوي فقد الأمل في هذا العالم.
في الدول المزدهرة علمياً وفكرياً وثقافياً تكون الأحزاب السياسة أداة للتنمية ووسيلة للتغيير نحو الأفضل، أما في الدول المثقلة بالجهل والمرض والفقر، فإنّ ممارسة جماعات متطرفة لا تؤمن بحقوق الإنسان للسياسة ليس سوى طريقاً لإشعال الحروب وتدمير المجتمع تدريجياً.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى