طفولة …احمد المثاني‏

… في هذا العمر ، و بعد أن غزاني المشيب ، و نأت الدرب .. فمازلت استشعر أن طفلاً مازال يسكنني .. يلعب و يلهو حيناً .. و يسكن قابعاً في أعماق الشخصية بما هي عليه من وقار .. فرضته السنون و أحكام الآخرين ..
هذا الطفل الذي يعيدني الى حال الدهشة و التجربة الأولى .. و حال
البراءة من إثم التجارب .. يحاول
أن ينطلق ساعة أن يجد فرصة أو مهرباً .. فهو في الطبيعة يريد أن
يركض و يقفز .. و يقطف زهور الحقل ، ليصنع منها قلادة .. لرفيق أو رفيقة .. و هذا الطفل ما إن يرى أرجوحة معلقة بجذع شجرة أو هي
في موقع ملاهٍ ،، حتى يقفز و يأخذ يتأرجح .. غير عابىء بقوانين العمر
أو قيود الكبار ..
قد يتبرأ الكثيرون من طفولتهم و يزعمون أنهم غادروها .. لكن الحقّ أقول لكم إن في داخل كل منكم طفلاً .. لو فتحتم له نافذة القلب أو الروح لأحسستم بالطفولة التي تعلق بنا .. فنحن قد نشيخ .. لكنّ
صوت الطفولة لا يخبو .. و هو
دعاء بكل ما هو جميل و بريء ..
افتحوا قلوبكم و ارفقوا بهذه القلوب التي لم تزل تسعدها ابتسامة أو كلمة من منبع صدق .. و هذا القلب ..
الذي يهتزّ إذا لامسته نسمة من حبّ .. و يحزن و يَحْرَد .. اذا ما
شعر ببرد الوحدة .. و يأخذه الخوف و الرجفة اذا سلبته حلماً جميلاً ..
ما أجمل أن نستمع لهذا الطفل القابع فينا .. فمازال يحب الابتسام و اللهو بعلب الألوان .. و يهوى مطاردة الفراشات .. و يحب أكل
الحلوى ..
أيها الناس دعونا نستكمل طفولتنا
التي لم تستكمل حلمها برسم الأقمار .. و النوم ملء العين ..
لقد غابت تحت ثقل الأيام .. أو هي
غابت تحت طلبات الكبار .. الذين
أسقطوا أحلامهم علينا ..
الطفل فيّ .. يريد أن يصرخ .. أن يلهو .. و يلعب .. و أن ينعم بالبراءة .. قبل أن تغرقه أثقال
السنين ..

– أحمد المثاني –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى