شـــــيـــــخ أبــو ورقــة…!!! / د . نـاصـر نـايــف الــبـزور

شـــــيـــــخ أبــو ورقــة…!!!
للمَرَّة الألف أجِدُ نفسي مُضطراً للخوض في مصائبنا في خطبة الجمعة و خطبائها مع احترامي و تقديري للمُجيدين و المحسنين منهم!

فقد تعلّمنا منذ نعومة أظافرنا بعض أساليب الخطابة الناجعة و المؤثِّرة و كبُرنا و ازدادت تجاربنا مِمَّا رأيناه و سمعناه من خُطباء أسروا العالم بفنون خطابهم و براعة خطابتهم!

لا زلتُ أذكر أستاذ اللغة العربية “علي أبو جعفر” و الذي درّسني اللغة العربية في نهاية المرحلة الابتدائية و كانَ مِن أروع مُتحدّثي العربية فصاحةً و بلاغة! فقد كانَ يُخصِّصُ ثلاثة أيامٍ لاختبار فَنَّ الخطابة والإلقاء من المحفوظات المخصصة في الكتاب المدرسي بحيث يقوم كلُّ طالب بسحب و رقة تحتوي النص المطلوب إلقاؤه على نطام اليانصيب الخيري الأردني!!!

و كانت أوّل تجربة لي في الإلقاء هي مع نصٍّ لخطبة الرسول عليه الصلاة و السلام يوم فتح مكّة! و ما إن ختمتُ بالعبارة النبوية المشهورة التي تصلح أن تكون دستوراً للأمّة حتّى قيام الساعة “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، حَتّى نظَر إلَيَّ و هو بغاية السرور و قال لي: “اذهب فلكَ العلامة الكاملة”!!!

مقالات ذات صلة

للأسف الشديد، فكُلَّما ذهبتُ إلى المسجد و جدتُ “شيخ أبو ورقة” يخطب الجمعة و رأيتُ معظم المصلّين يتثاءبون بل و يغطُّ بعضهم في النوم نتيجة السأم و الملل الذي يتسبّب به أمثال هؤلاء الشيوخ الضعاف! فهذه خطبة و ليست درس قراءة يا فضيلة الشيخ! و حتّى القراء لا يُجيدها البعض غير القليل!!!

على الخطيب أن يقوم بإعداد خطبته من الناحية العلمية و النفسية و الأسلوبية قبل أيام من الموعد، فانا ضد الارتجال و ضد القراءة لأنَّ كليهما يعكسان عدم احترام المستمعين! و كذلك فالقراءة تنزعُ الثقة بين الخطيب و المتلقِّي فهي تُظهرُ الخطيب مهزوزاً ضعيفاً أسيفاً؛ و هذا كُلّه يقتل أي فائدة قد تُرتجى مِن خطبة الجمعة!

و بما أنَّ الشيء بالشيء يُذكر، فقد تمَّ قبل ساعات القبض على الدكتور أمجد قورشة و توقيفه وهو مثال للخطيب الجيّد عل خلفية فيديو قديم كانَ تحدَّث فيه عن قضية سياسية شائكة قديمة! فيما يبقى الشيوخ من طراز “أبو ورقة” يعتلون المنابر و يُقال لهُم “اسرحوا و امرحوا”… أمجد قورشة، رغم اختلافي معه في مئات القضايا ،مِن الدعاة الشباب المعتدلين و الذين يلقَون قُبولاً واسعاً…فلا تُضيِّقوا على الناس و تبحثوا عن الَّلَمم في زلاّتهم! ألا مِن مسؤول يتَّسع قلبه و عقله فيقول للموقوفين سياسياً كأمجد: “اذهبوا فأنتم الطُلَقاء”؟؟؟ و الله أعلَمُ وَ أحكَم!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى