#شعار_المرحلة
م. #انس_معابرة
لو دققت النظر في كم الأحداث التي تحدث من حولك، ولو نظرت نظرة بسيطة الى التاريخ الطويل للبشرية، لأدركت أن لكل مرحل من مراحل ذلك التاريخ شعار، شعار ينطوي على كيفية الدخول في معترك الأحداث، ولو تحدثت بغير لغة ذلك الشعار لن تجد من يستمع اليك.
لتوضيح الفكرة؛ إليك المثال التالي: خلال فترة وباء كوفيد 19، كان تركيز الجميع منصب على الوباء، الأطباء يتحدثون عن تأثيراته وكيفية تطوير لقاح ضده والقضاء عليه، السياسيون يبحثون عن تأثير الوباء على الحركات السياسية، وعلاقات الدول ببعضها، والإقتصاديون يدرسون تـأثير الوباء على الحركة التجارية، وكيفية تنشيطها لتحجيم تأثير الوباء، والدول تبحث عن كيفية التكيف مع الوباء، والمرضى يبحثون عن الشفاء، والجميع يبحث عن السلامة.
قبل وخلال الحرب العالمية الأولى؛ كانت الإشتراكية شعار المرحلة، وأصبح همّ أصحابها نشرها في جميع الدول، بل حتى أصبحت الفكرة حديث السياسيين والاقتصاديين وعلماء الاجتماع، بل حتى أصبحت الحديث الدارج بين طلبة الجامعات والمدارس.
ثم تنامى الاهتمام بالرأسمالية بعد ثبوت فشل الاشتراكية واكتشاف سلبية الملكية الجماعية، فذهب الجميع إلى النقيض المتمثّل بالملكية الفردية على حساب الجماعة، وتنامت أموال فئة من الناس، بينما غاص الكثير منهم في أوحال الفقر.
وبعدها تنادى البعض الى القومية، فالكل يدعو الى تقديس وطنه فقط، يجمعهم حب الوطن على إختلاف أعمارهم، وشرائعهم، وعاداتهم، وتقاليدهم. وبعدها نشأت لدى البعض العصبية المذهبية، فظهر المتشددون في الشرائع المختلفة، بل ربما تعادى متشددون من نفس الشريعة، البعض ينادي بالدعوة باللين، والآخر يدعو الى إستخدام العنف، البعض يقدّم الوسيلة على الغاية، والبعض يعطي للغاية الأهمية أكثر من الوسيلة.
ولكن ما هو شعار المرحلة التي نعيشها اليوم؟ لا يوجد هنالك أفكار إقتصادية جديدة، وخبى صراع الشرائع، ولم تعد القومية تجد من ينادي بها، ولكن ظهر لنا تطور كبير من العدم، وأصبح فجأة شعار المرحلة بلا منازع.
اليوم أصبحت قضية المثلية والشذوذ هي لغة المرحلة وشعارها، بل أصبحت الوسيلة الأسهل للفت أنظار الجميع وجلب إهتمامهم، كما أصبحت نقطة تجمُّع للعديد من مناصريها حول العالم، ونقطة خلاف بين المعارضين لها والداعيين اليها.
بإمكانك مثلاً الحصول على موافقة للهجرة لدول العالم الأول، لو إدعيت المثلية والشذوذ، وبأنك لا تنال حقوقك في بلدك في العالم الثالث، وبإمكانك أيضاً جلب أضواء الكاميرات بسهولة لو منعك أحد من رفع علم المثليين والشواذ في مسيرة لتحسين وضع المتقاعدين، وستكون نجم المباراة لو منعك أحد الحراس من دخول المدرجات وأنت ترتدي زياً يُشير الى المثلية والشذوذ، ولن ينجح فيلمك أو مسلسلك إذا لم يتضمن شخصيات تميل الى المثلية، بل وصل الأمر الى توضيح ذلك في برامج الأطفال التلفزيونية، ومناهجهم الدراسية.
المصيبة الكبرى أن الضغط تجاه الموضوع أصبح دولياً، اليوم نجد دولاً تضغط على أخرى من أجل السماح للمثلية والشذوذ فيها، وتستخدم أساليب الضغط المختلفة لتحقيق ذلك، مثل التهديد بوقف المساعدات، أو عدم الموافقة على الإنضمام لحلفها، أو وقف تصدير الأسلحة والمواد الغذائية، بل وتحرمها أحياناً من حقها في إستضافة أحداث دولية مثل كأس العالم والألعاب الأولمبية وغيرها من النشاطات الرياضية والسياسية والإقتصادية.
الحديث عن الموضوع لم يعد في الخفاء كما كان سابقاً، ووجب علينا أيضاً الحديث عنه على جميع المستويات، الحكومة يجب أن تتخذ خطوات لتوضيح خطورة تلك الأفعال المشينة المحرّمة للأجيال، والمؤسسات يجب أن تساهم في توضيح العلاقة الطبيعية التي أحلها الله بين الرجل والمرأة، والمدارس والجامعات يجب أن يكون لها نشاطات تؤكد على فوائد العلاقة الحلال ومضار العلاقات المحرّمة على إختلاف أنواعها.
والدور الأكبر يقع على عاتق أولياء الأمور، لا تتردد أن تشرح الموضوع ببساطة لأولادك خصوصاً المراهقين منهم، بيّن لهم الأمراض السارية نتيجة العلاقات غير الشرعية، وبيّن لهم الحلال والحرام في سن مبكرة، وعرّفهم الى الفطرة السليمة التي خلقنا الله عليها.