إما الجوع أو الوطن البديل / جروان المعاني

إما الجوع أو الوطن البديل

في الغالب الأعم أن المصالحة بين حماس والسلطة لن تدعه دولة العدو الصهيوني يمر بسلام، دون أن تفرض أجندتها وشروطها، التي تتمثل في سحب سلاح حماس وبقية الفصائل التي تتبنى الكفاح المسلح، ووضع حد لاتصال حماس مع إيران وبالتالي الاعتراف بإسرائيل، وهي أمور ترفضها حركة حماس ولكن إلى متى ستصمد حماس؟، وهل حقاً الأردن سيساند حماس بما يتعارض ومصلحة السلطة وإسرائيل، وهل لدينا في الأردن رؤية واضحة لمستقبل العلاقة الأردنية مع أراضي فلسطين التي قد تمنحها إسرائيل للفلسطينيين ليقيموا عليها دولتهم الهشة ؟!
لست أسعى للإجابة على أي من التساؤلات أعلاه، ولا للتشكيك في نوايا السلطة، ولكن لا شك أن الواقع العربي المحبط قد غير من قواعد النزاع بين العرب وإسرائيل، حيث أمسى لا معنى للاءات الخرطوم، وحيث التطرف والاستعلاء والشعور بالقوة تعزَزَ عند إسرائيل بعد انهيار الشام ومن قبلها بغداد، ومع انه تاريخيا ثبت بلا يترك مجالا للشك انه ما من دولة إلا وقدمت لإسرائيل بغيتها واليوم اكتمل ثالث الأثافي من خلال التقارب العلني السعودي مع إسرائيل وانتفاء قدسية الصراع وموافقة الجميع على أن بقايا القدس سيخضع لإدارة دينية دولية.!
يتبين للقارئ الجاد لملف القضية الفلسطينية أن ما قدمته إسرائيل في كامب ديفيد هو أقصى ما لديها من تنازلات، وبفعل الانهزام الرسمي العربي تراجعت إسرائيل عن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة وان الحل سيرتبط كليا بما يعرف بالخيار الأردني، والذي يعني – السكان للأردن وغالبية الأرض لإسرائيل- ففلسطيني الداخل (عرب 48) انتهى أمرهم فإما تذوب بالهوية الإسرائيلية وإما ترحل للضفة الغربية، وسكان الضفة بأغلبهم أردنيون، وأي خيار لفلسطيني الشتات سيكون بحمل جواز سفر أردني سواء من كان في سوريا أو لبنان أو حتى الإكوادور .
لعل أكثر ما يثير الحزن أن أي ممانعة للأردن في الحل النهائي يعني مزيدا من الاختناق الاقتصادي والتهميش السياسي لا بل ربما الدخول في دوامة الفوضى الخلاقة، فتجد الأردن يبحث عن بصيص أمل بممانعة حمساوية.! والأكثر وجعاً هو تأتي الضغوط العربية والأمريكية على الحكم في الأردن في ظل انتهاء أي مد عربي شعبي حيث استسلم الفلسطيني لقدره بعد موت الكبار واكتفاء الصغار بتذكر بيوت الأجداد عبر معارض الصور والتغني بوحدة الأردن وفلسطين (بشعبٍ واحد لا شعبين) .
بعيدا عن العواطف والإقرار بأن الأردن ما عاد يحتمل مزيدا من الضغوط الاقتصادية التي تكاد تدفع بسكانه للانقلاب على فكرة الأمن والأمان نتيجة للعجز الهائل في إمكانياته المادية، واهتراء البنية التحتية الخدماتية حتى كأنك تشعر بأنك تعيش في دوامة كبرى من الوعود الزائفة وحيث الحكومة تلوح كل يوم برفع الدعم عن السلع فإن السكان صار آخر أولوياتهم الحديث عن فلسطين وصار غالبيتهم يدرك انه لا مجال للعيش بكرامة واستمرار الحياة إلا من خلال انتهاء القضية الفلسطينية والإقرار بأن اسرائيل باقية شاء من شاء وأبى من أبى .
أخيراً فإن كل سيناريوهات الحل للمسألة اليهودية هو مدعوم أمريكيا وغربياً حيث أن كل نظام عربي يريد الاستمرار في الوجود عليه الإقرار بأن إسرائيل أولاً أو لننتظر الجوع والخراب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى