#خاطرة_الخميس / د. هاشم غرايبة

#خاطرة_الخميس
“أولاد الحرام ما بناموا وما بتركو حدا ينام” مقولة شعبية تثبت الحروب المتلاحقة منذ ثلاثة عقود صحتها، فالحكومة العالمية الخفية التي تحرك القلاقل والنزاعات حول العالم، وبلا انقطاع منذ الحرب العالمية الأولى وإلى اليوم، هي القوة الشايلوكية السرية التي تتحكم بالمال والسياسة والإعلام في العالم الغربي، وتفرض على حكوماتها سياساتها وخططها، وفق مصالحها التي لا تزدهر إلا في أجواء التوتر والحروب، فتلك تجعل عجلة انتاج الأسلحة تدور بأقصى سرعة، فتنتعش تجارة الأسلحة، التي تعطي مردودا يفوق تجارة المخدرات.
كما أن التدمير الحاصل سيتبعه إعادة إعمار للبنى التحتية العالية الكلفة، لتنتج فرص عمل شركات المقاولات العملاقة، والتي تحتاج الى عقود ضخمة يستفيد منها الوسطاء المحليون والسماسرة الدوليون.
صحيح أنهم كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، لكن معاناة الشعوب المظلومة خلال تلك الفترة، تكون قاسية، ويحتاجون لبضع سنين بعدها للتعافي من ويلات ما أحاق بهم.
وبما أن أولاد الحرام هؤلاء لا ينامون، فشغلهم الشاغل إيقاد الحروب وتأجيجها، وإشعال النزاعات الممهدة للحرب القادمة، لذلك فسرعان ما يبتكروا أزمة جديدة، ولذلك وقبل أن يسدل الستار على الحرب على الإرهاب، بدأ الإعداد للحرب القادمة.
مصيبتنا أن هذه القوة الخفية قد وجدت بغيتها في أمتنا، فوضعت (قرودها على طحيناتنا) منذ بداية القرن العشرين والى اليوم، ربما كانت التقاء في المصالح بينها وبين المخلب الشرس (الإمبريالية الغربية)، وربما لسهولة تجييش المواطن الأوربي تجاه المسلمين، لكن السبب الأهم هو الطمع بمقدرات هذه الأمة وخاصة الثروة النفطية.
ولما كانت هذه الثروات التي حبا الله بها هذه الأمة لم يستعملها أولو الأمر في ما يرفع ويعلي من شأن الأمة بل في ملذاتهم ولهوهم، ولأن “أموال الخسيس لموازين إبليس” فلم يحمها الله بل جعلها في مهب الريح.
لذا فالحلقة القادمة سيكون مسرحها أمتنا أيضا، وعنوانها صراع الدول الخليجية مع إيران.
طبعا لم يكن الأمر محتاجا الى ذكاء لمعرفة ذلك، فالثور الأحمر (الإسلام الشيعي) سيكون غبيا إن اعتقد أنه سيبقى طويلاً بعد أن أعان العدو على أخيه الثور الأبيض (الإسلام السني) في الحرب على العراق والحرب على الإرهاب، يجب أن يعلم أنها مسألة وقت فقط قبل أن يجيئه الدور.
بدأ ذلك بقرار “ترامب” الغاء الإتفاق على المشروع النووي الذي عقده “أوباما” مع إيران تحفيزا وتقديرا للدور الإيراني في الحرب على الإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب، ولما كان ذلك لتوريط الثور الأحمر بخيانة أخيه الأبيض، لذا جاء قرار “ترامب” منطقيا لكي تصح مقولة: (ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض).
المؤلم في اللعبة الجديدة أن أمريكا (ستصيب عصفورين أو ثلاثة بكل حجر)، وهي كالعادة محققة لعدة أهداف معا (كالمنشار سيأكل عل الرايح وعلى الجاي)، من إيران جيئة، ومن دول الخليج ذهابا، فستضرب إيران بأسلحة خليجية باعتها إياها، وسترد إيران بأسلحة اشترتها منها أيضاً من خلال وسيط تهريب بأسعار مضاعفة.
وبما أن (أول الرقص حنجلة) فقد بدأت الحنجلة بعروض تمهيدية، قصد المخرج الأمريكي بها عرضا أوليا مشوقا، لكي تفتح الخزائن الخليجية أبوابها، وكما وعد “ترامب” تماماً، فكان إرسال طائرات حوثية بدون طيار تمكنت من الوصول الى المنطقة الشرقية فأصابت أهدافها بدقة مدهشة، وكان ذلك بمثابة رسالة تهديد لإرعاب السلطات السعودية التي ستهرول لشراء منظومات “باتريوت”.
الطائرة المسيّرة عن بعد قليلة الكلفة (حوالي 300 دولار)، لذلك فالخطورة في إرسال أعداد منها في آن واحد، ولما كانت كل واحدة تحتاج الى صاروخ باتريوت أو اثنين ( تكلفة الصاروخ أربعة ملايين دولار)، لذلك ستتبدد الأموال سريعاً.
وإذا أضفنا أن الموالين لإيران يسيطرون على القرار في أربعة أقطار عربية، وهؤلاء مُجرَّبون، ومعروفون بأنهم يقدمون ارتباطهم الطائفي على انتمائهم القومي، لذا سيجد الخليجيون من المترددين لحد الآن في إعلان تحالفهم مع (الكيان اللقيط)، الفرصة مواتية لذلك.
ربما سيكون عنوان اللعبة القادمة هو تبديل الأدوار، لكن سيبقى اللون الطاغي على المسرح كالعادة…هو لون الدم الإسلامي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى