# الجهل_في_ زمن_الكورونا

# الجهل_في_ زمن_الكورونا
د. هاشم غرايبة

في مقابلة مع نائب رئيس حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم في الهند، يؤكد الإستمرار في سياسة معاداة المسلمين التي تبلورت في إقرار قانون حرمان المسلم من نيل الجنسية الهندية، ويجيب عن سؤال: أليس ذلك منافيا لحقوق الإنسان، فيقول لا فالمسلمون لا حقوق لهم.
تعتبر الهند أكثر دولة في العالم يقطنها مسلمون، إذ يبلغ عدد مسلمي الهند 260 مليونا، وتليها اندونيسيا 218 مليون ثم الباكستان 183 ثم بنغلاديش 155، وبذلك نلاحظ أن عدد المسلمين خارج المنطقة العربية هم الأغلبية.
المتأمل في تاريخ الدولة الإسلامية، يجد أنها توسعت رقعتها بسرعة هائلة خارج مهدها في الجزيرة العربية، بانضمام أمم مختلفة لها، ليس عن خوف من بطش جيوشها كما في توسع كل الإمبراطوريات، بل بقناعة الشعوب بدخول الإسلام، من قاومها في البداية كانت الإمبراطوريات المحاذية كالفرس والرومان، والشعوب العربية الواقعة تحت استعمارها في بلاد الشام والرافدين وبلاد النيل.
وصل الدعاة الى منهج الله تخوم السند، يحميهم الفاتحون المجاهدون في سبيل الله، ولم تحدث معارك، فقد شكل سقوط الامبراطورية الساسانية التي كانت تحكم المنطقة طريقا سالكا للتجار المسلمين الذي شكلوا بما يتميزون به من قيم إسلامية راقية مثلا أعلى، فأوصلوا الدين بحسن تعاملهم الى كل الأجزاء القصية في آسيا، لذا انتشر بشكل كاسح.
في الهند يسيطر الإقطاعيون على خيرات الأرض، ويعتمدون على نشر ثقافة التخلف الفكري والإبقاء على العقائد الوثنية المنحرفة، في ضمان بقاء العبودية الإقتصادية والإجتماعية، وهذا التخلف التعصبي هو المسؤول عن ردة الفعل على انتشار الإسلام فكريا وليس عسكريا، لأن المعروف في كل من يدخل الإسلام ويعرفه حقا، لن يعود عنه، بل ويصبح داعية متحمسا لهداية غيره، لذلك ما كان من وسيلة لدى الطبقة المسيطرة في الهند غير تأجيج التعصب الجاهل.
نسبة الأمية في الهند من أعلى النسب في العالم، والجاهل عدو ما يجهل، لذلك من السهل تجييش الجاهل وتحفيز تعصبه أكثر بكثير من تأجيج العداء عند المتعلم، وذلك يفسر نجاح حزب “جاناتا” الهندوسي بالفوز في الإنتخابات في عام 2004 ، وذلك عندما اعتمد على استثارة الغرائز البدائية التعصبية، مستغلا حالة التعبئة الدولية في الحملة الصليبية ضد الإسلام المسماة الحرب على الإرهاب.
هكذا تفشل مرة أخرى تلك الفكرة القائلة بأنه يمكن تحقيق وحدة الصفوف داخل الأمم بالإعتماد على النزعات القومية، فالعاطفة الشوفينية لا تندرج ضمن الدوافع الإنسانية في جمع الكلمة، لأنها تفرز الناس على أساس الأصل والعرق، أما الرابط العقدي فهو الجامع، فمن يقفون جنبا الى جنب في الصلاة خمس مرات يوميا يتعرفون على بعضهم وتتقارب قلوبهم بالتآلف أكثر بكثير ممن يأتلفون مع من يماثلونهم لغة أو عرقا أو لونا.
لقد رأينا أن من دخلوا الإسلام في شمالي أفريقيا، انصهروا فورا مع القادمين من جزيرة العرب، بغض النظر عن اختلاف اللغة والعادات والقومية، بل انخرطوا فورا في الجهاد في سبيل الله ، فوجدنا طارق بن زياد الأمازيغي يقود جيوش المسلمين وينطلق الى اسبانيا فاتحا ينشر الهدى والمدنية.
كما وجدنا سكان السواحل الجنوبية للمتوسط الذين دخلوا حديثا في الإسلام، يتوغلون جنوبا في عمق القارة السمراء تجارا ودعاة، ينشرون الكتاتيب، ويدعون الى دين الله، فيحل النور حيثما حلوا، ويتحول السكان المحليون بالتأثير دعاة أيضا يهدون الى هدي الله.
إن الجاهل ليس فقط غير المتعلم، بل هو من أغلق عقله تعصبا، فقد تجد من فتح نوافذ فكره مثل تولستوي وبوشكين، فاطلعوا على الإسلام وأعجبوا بفكره، فيما تجد عالما أو مفكرا استغرق في علمه، لكنه أغلق عقله مسبقا على معاداة الإسلام عن فكرة مسبقة دون معرفته، لذلك فهو يستوي مع الجاهل عن أمّية.
فهذا جاهل بسوء نية، وذاك جاهل وجوبياً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى